fbpx

ما بين “الولي الفقيه” و “مدام بوفاري”

مرصد مينا

الرواية تكرّر بسماجة المسلّمات، أما الرواية فتقول “إن طهران غير مسؤولة عن الحروب التي تخوضها أذرعها”، هذا ما ترسله طهران من رسائل، أما الرسائل فتذهب إلى الغرب تجنّباً لجر طهران إلى الحرب، وفي هذه الحال إلى “طوفان غزة”، لتتكرر الرسالة مرة على لسان الأمين العام لحزب الله، وثانية على ألسنة قيادات من حماس، وفي المرة الثالثة على السنة قيادات “الحوثي”، ومع كل رسالة “ايران بريئة من الحرب” و “قرار الحرب يعود إلى الفصائل لا إلى الولي الفقيه”، وكلّه تجنباً لبقاء الحرب في الهوامش والأذرع دون انتقالها إلى المتن، أي دون أن تطال طهران.

يواكب هذا الادعاء تغطية إعلامية ليس من إعلام إيران فحسب، ولا من إعلام الفصائل المنضوية تحت جناح إيران، بل يصل الحال إلى منصات ومؤسسات إعلامية كبرى ومن بينها “رويترز” الوكالة الأكثر قوّة في عصرنا، وهكذا تنقل الوكالة الخبر لا كما تشاء الوقائع بل كما تشاء إيران، وهكذا ما أن يتصاعد التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حتى تستدعي إيران جماعتها من الإعلاميين، ومن بينهم إعلاميو “رويترز” ليكون عنوان الاستدعاء :”تعالوا لنضع النقاط على الحروف”وهكذا تنقل الوكالة الخبر من لبنان على نحو مضمونه ، استقلال قرار الفصائل المتحالفة معها داخل “محور المقاومة”. وبالتالي استقلال قرار الحزب في خوض الحرب ضدّ إسرائيل. وتُعلمنا “رويترز” بهذا التطوّر الاستقلالي على الرغم من افتخار الأمين العامّ للحزب. خلال السنوات المنصرمة. بأنّه جندي في جمهورية المرشد الأعلى وأنّ رواتب وسلاح ومال الحزب تأتي من إيران.

الفايننشال تايم تنبهت للموضوع فتناولته، ومن جملة ما كتبته “تُبلغ “رويترز” اللبنانيين بأنّ الحزب سيذهب منفرداً بهذه الحرب ليس فقط بقرار مستقلّ عن طهران بل، وهذا ليس جديداً، بقرار مستقلّ عنهم وعن دولتهم”. ثم “تُبلغ الوكالة العواصم المعنيّة بأنّ عليها ألّا تناقش مسألة الحرب والسلم في لبنان مع إيران (في محادثات مسقط مثلاً)، بل مع الحزب الذي يملك قراره بمعزل عن قرار طهران”. وفيما تكشف “مصادر” الوكالة أنّ زعيم الحزب أبلغ ضيفه بأنّ “الحزب لن يجرّ إيران” إلى حربه. فإنّ في ذلك تذكيراً بما نقلته “رويترز” عن خامنئي في كلامه لهنيّة في تشرين الثاني بأنّ إيران لن تدخل الحرب نيابة عن “حماس”.”

تتابع الفايننشال تايم “ليس بالضرورة أن تكون تفاصيل رواية اجتماع قاآني-نصرالله في شباط الماضي دقيقة، لكنّ ما يهمّنا هو ما أرادته طهران من خلال رسائل “رويترز” “،  وفيما لم يصدف أبداً أن تحرّكت إيران منذ قيام جمهوريّتها للدفاع عن أذرعها. فإنّ الرواية تكرّر بسماجة مسلّمات وتبعث الرسائل تلو الرسائل إلى المنظومة الغربية. وإلى الولايات المتحدة خصوصاً. بأنّها بريئة من “الطوفان” ومن يدعمونه ملمّحة إلى إسقاط علاقتها بالأذرع لأنّ وجودية المتن أهمّ من ضوضاء هوامشه. ولسان حالها يقول ما نُسب إلى مدام دو بومبادور عشيقة الملك الفرنسي لويس الخامس عشر: “أنا وما بعدي الطوفان”.

في فرنسا المقصلة كانت لمدام بوفاري، وفي طهران اليوم “الولي الفقيه”، ما يجمعهما تلك الصرخة:

ـ أنا ومن بعدي الطوفان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى