تحطيم “تمثال الشهداء” في حلب يفجّر موجة غضب واسعة بين السوريين

مرصد مينا
أثار سقوط الجزء العلوي من “تمثال الشهداء” في ساحة سعد الله الجابري وسط مدينة حلب موجة واسعة من الغضب والجدل بين السوريين، بعد تداول مقطع مصوّر يوثّق لحظة تحطّم التمثال خلال ما زعم إنه محاولة لنقله بطريقة غير احترافية مساء الأربعاء.
وأظهر الفيديو استخدام رافعة لسحب التمثال عبر كابلات معدنية، قبل أن ينكسر جزءه العلوي ويسقط على الأرض، ما أثار استياء العديد من الناشطين الذين وصفوا المشهد بـ”المهين” لذاكرة المدينة ورمزيتها، معتبرين أن ما جرى يُعبّر عن استخفاف بالإرث الفني والثقافي لحلب.

شكوك حول نوايا الإزالة
عبّر كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من طريقة التعامل مع التمثال، بين من اعتبر الحادث نتيجة إهمال وسوء تنفيذ تقني، ومن رأى فيه خطوة متعمدة لإزالته ضمن توجهات تهدف إلى تغيير المشهد البصري لساحة سعد الله الجابري.
وقد استشهد المنتقدون بتصاميم سابقة نشرتها الشركة المشرفة على مشروع إعادة تأهيل الساحة، لم تتضمن التمثال ضمن المخطط الجديد، ما أثار شكوكاً حول “نية مبيتة” لإقصائه.
وفيما ذهبت بعض الأصوات إلى وصف ما حدث بأنه “حادث عرضي ناجم عن نقل غير احترافي”، طالب آخرون بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين، مستنكرين عدم اتخاذ التدابير الكافية لحماية التمثال الذي يمثل رمزاً لنضال وتضحيات أهالي المدينة.
رد رسمي غير مقنع
في المقابل، أصدرت مديرية الآثار والمتاحف في حلب بياناً قالت فيه إن عملية نقل التمثال جاءت “حرصاً على الحفاظ عليه وعلى قيمته الفنية”، مؤكدة أنه سيخضع للترميم على أيدي مختصين، وأن إزالة التمثال كانت مؤقتة بهدف تهيئة الساحة لإقامة فعاليات عامة، ولفتت إلى أن التمثال “كان يحجب جزءاً من الشاشة الكبيرة التي نُصبت مؤخراً في المكان”.
غير أن هذه التبريرات لم تقنع كثيراً من المتابعين، خصوصاً بعد انتشار صور تُظهر التمثال محطّماً ومهجوراً في مكانه، دون أي إجراءات واضحة لحمايته أو ترميمه، وسط اتهامات باستخدام “ذرائع فنية وإدارية” لتبرير ما وصفه ناشطون بأنه “طمس لرموز المدينة”.
إرث فني
يُذكر أن “تمثال الشهداء”، المعروف أيضاً باسم “أم الشهيد”، هو عمل للنحات السوري عبد الرحمن مؤقت، وقد أنجزه عام 1985 باستخدام الحجارة الحلبية الصفراء.
ويُعد من أبرز المعالم النحتية في مدينة حلب، كرمز لتكريم ضحايا الحروب، ويحمل مكانة خاصة في الذاكرة الجمعية لأهالي المدينة وزوارها.
وفي أحد مقاطع الفيديو التي التُقطت لحظة سقوط التمثال، سُمع صوت أحد المرافقين وهو يصفه بأنه “صنم” داعياً إلى إزالته، ما أعاد إلى الواجهة التوتر القائم بين المفاهيم المدنية والثقافية للمشهد العام، وبين مواقف بعض التيارات المتشددة تجاه الرموز الفنية والتاريخية في البلاد.