وقد تحوّلت طهران إلى “لعبة”
زاوية مينا
مطارق السوريين التي انهالت على رأس حافظ عبر تحطيم تماثيله، ومن ثم سقوط جمهورية الخوف التي ورثها ابنه، وفرار الابن دون حتى رسالة مكتوبة أو متلفزة لمن ناصره من جنود وأجهزة قمع، وهو ما يعني بالتمام والكمال أن تنهال المطارق على رأس علي خامنئي وحرسه، فانهيار سلطة الأسد في سوريا لابد ستمثل أكبر ضربة لنفوذ إيران في المنطقة، دون نسيان أنها جاءت متزامنة مع انهيار حزب الله في لبنان مع قتل زعيمه حسن نصر الله دون أن يعثر حزب الله بعد على من يرثه.
سوريا تحت حكم الأسد كانت حلقة الوصل الرئيسية في محور المقاومة الإيراني، الذي يضم حزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن، وجماعات الميليشيات في العراق، وهاهي حلقة الوسط قد انقطعت، وبات مستبعداً أيّ حضور لطهران في دمشق بما في ذلك استحضار اللطميات الكئيبة التي طالما مثلت استفزازاً للسوريين الذين يقدّسون آل البيت ويرفضون الوصاية الفارسية عليهم.
مافيا الأسد في دمشق بات يعني سقوط “المحور” أو على الأقل إضعافه ومن خلال إضعافه ، تواجه إيران تحدياً خطيراً أولى أولوياته هي :
ـ أن تقرر طهران ما إذا كانت ستسرع برنامجها النووي أو تسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية الجديدة، فإذا ما حصل الاتفاق فلن يكون اليوم على حال ما كان عليه قبل أيام ذلك أن لم يعد لطهران ما تبيعه ما سيجعلها أكثر إذعاناً للاشتراطات الأمريكية وإن لم يكن ذلك فلابد ستواجه مصيرها.
توافقات أمريكية / إيرانية؟
أمر ممكن، غير أنها إذا ماحصلت فقد تأتي:
ـ ما بعد قصقصة أجنحة طهران، فحزب الله الذي كان يحظى بدعم لوجستي من سوريا، يواجه الآن أزمة جديدة، ويتعين على المجموعة، التي انخرطت في حرب طويلة مع إسرائيل، أن تتعامل الآن مع حكومة جديدة في سوريا، والتي لديها نهج عدائي تجاهها.
سيحاول حزب الله الآن الحفاظ على مخزونه من الأسلحة، لكن الانهيار السريع في سوريا حد بشدة من إمكانية نقل الأسلحة عبر البلاد، مع التذكير بأن تجريد حزب الله من السلاح بات ممكناً، فالقرار 1701 يعني ذلك، وكان نبيه برّي قد فوّض من حزب الله بالموافقة عليه.
سقطت دمشق، عاصمة سوريا، سقطت في أيدي المعارضة السورية؛ وهرب بشار الأسد، وعلى الرغم من إنفاق مئات المليارات من الدولارات على معلفه وسلطته في سوريا، تركت إيران ظهر بشار الأسد واختارت خيار الخروج، بعد أن تأكدت أن معركتها خاسرة في سوريا تماماً كما خسرت في لبنان.
بالنسبة لإسرائيل، فإن سقوط نظام الأسد يعني انخفاض نفوذ إيران وحزب الله بالقرب من حدودها.
وفي هذه الحالة، ستواصل إسرائيل مراقبة التطورات في سوريا عن كثب ومحاولة تعزيز التعاون مع حلفائها الإقليميين.
تركيا، التي دعمت بعض المعارضين السوريين، لعبت دوراً مهماً في التطورات الأخيرة، لتزيح طهران عن الواجهة، وعلى الرغم من نفي المسؤولين الأتراك تقديم الدعم المباشر لهيئة تحرير الشام السورية، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن العملية لم تكن لتتم لولا الضوء الأخضر من أنقرة.
لجنوب سوريا، وكانت طهران قد رسمته على مقاساتها، ما تغير جوهرياً، فآمال طهران في هذا الجنوب تلاشت ولن يكون لها مكان فيه أبداً، كما أن الأردن قلق للغاية بشأن التطورات في سوريا.
مع وجود أطول حدود مشتركة مع سوريا، فإن أي حالة من عدم الاستقرار في البلاد يمكن أن تمتد إلى الأردن، والملك يدرك بالتمام والكمال أن أيّ إقلاق للأردن لن يأتي سوى من طهران، وها هو اليوم أكثر اطمئناناً.
الجرافة السورية، جرفت الملالي، وكل الوقائع تقول:
ـ ثمة زمن آخر.. ظهران لن تكون فيه اللاعب.
ثمة ما يقول أنها تحوّلت إلى لعبة.