أستانا.. كل القصة أنهم بلا شرف
روبيرت فورد، قالها بالفم الملآن: لاتتكلوا على أمريكا.
وقبلها خاطب المعارضة السورية بلغة في منتهى القسوة، بل والوقاحة أيضًا:
ـ أنتم حيض.
وما قاله فورد، هو بالتمام والكمال، تمثيل صريح للسياسة الأمريكية، فالمسألة الديمقراطية، والحريات، والتنمية، والاستقلال السوري، ليست مسائل تشغل أمريكا، بدليل، أن أول من بارك وطبطب على وصول بشار الأسد إلى السلطة كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، تلك العجوز الثعلب مادلين أولبرايت، وربما لولاها لما صعد بشار الأسد إلى السلطة بهذه السلاسة، ما يعني أن على قوى المعارضة، أن لاتصرخ:
ـ نحن أيتام لأن الأم أمريكا امتنعت عن إرضاعنا.
وهي الصرخة التي نسمعها مع كل فجر، من معارضات، لم تكن ولا في لحظة ما جزءًا من جسد الثورة في سوريا، فشباب الثورة، أولئك الذين حملوا رايتها واحترقوا تحت تلك الراية، هم أولئك الشباب الذين أغلقت بوابات المعارضات في وجوههم، بدءًا من المجلس الوطني وصولاً للائتلاف مرورًا بالهيئة العليا للتفاوض، وهي الهيئة التي لاتمثل في حدّها الأعلى سوى مجموعة بشر يذهبون إلى جلسات تعارف مع أنهم يعرفون بعضهم جيدًا.
سوريا اليوم في أشدّ لحظات مخاضها، فالحرب مازلت، والنيران توقد بأجساد المدنيين، واللعبة الدولية على أشدّها، أما الحل لسياسي للمسالة السورية فقد أفلت من أيدي السوريين، ولم يتبق للسوري سوى الفرجة على مصيره، وهو المصير الذي تتقاذفه الدول، أما الحل اعسكري، فعلى تكاليفة المرتفعة، فهو أيضًا حل مازال في المعادلة الصفرية، بما يعني أنه لن يحسم لحساب أي من المتصارعين، وبالنتيجة، سوريا بلد مدوّل، ولن يصل إلى أية حلول سوى عبر الأطراف الدولية التي تلعب في الساحة السورية، وليست المعارضات سوى وكلاء لها.
مادامت هذه المعارضت مجرد وكلاء، فالطبيعي أن يراهن السوري على الأصيل لاعلى الوكيل، والطبيعي أن ينتظر توافقات الأصلاء لاحوار الوكلاء، دون نسيان أن النظام بأجهزته، هو أيضًا وكيل في اللعبة وليس أصيلاً، ووكالته تتقاسمها كل من روسيا وإيران.
المسألة السورية لن تحل في 13 لقاء أستنانا، ولن تحل في الجلسة 25 أستانا، ولا في أربعينية أستانا.
أستانا مجرد لعب على الوقت، وعلى طرف الطاولة يجلس الوكلاء ولكل وكيل أجرته، وهي أجرة بعد صرفها بالليرة السورية، ستبدو أجرة مرتفعة، ولكن على حساب من؟
على حساب شعب يقهره الجوع والسكن والحرب والكراس المدرسي.
لو كان لهؤلاء الوكلاء شرف، لغادروا طاولة التفاوض التي لاتمنحهم حتى حق السعال.
هذا لوكان لهم شرف المواطن.
القصة أنهم بلا شرف.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.