“أطباء بلا حدود” تحذّر من تفشّي أوبئة خطيرة في السودان وسط انهيار النظام الصحي

مرصد مينا
حذر الأمين العام لمنظمة “أطباء بلا حدود”، كريستوفر لوكيير، من مخاطر صحية جسيمة تنتظر السودان في الفترة القادمة، جراء تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتفشي الأمراض الوبائية، واستمرار النزاع الذي أدى إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي في البلاد.
وأشار لوكيير في تصريحات صحافية يوم الأربعاء إلى أن تفشي أمراض مثل الكوليرا والحصبة وحمى الضنك بات يشكل تهديداً مباشراً للسكان، خاصة مع تدهور خدمات الصرف الصحي وتعطّل حملات التطعيم الروتينية وصعوبة الحصول على مياه نظيفة.
وأضاف أن موسم الأمطار الذي يتزامن مع ذروة انتشار الأمراض ونقص الغذاء الحاد، قد يزيد الأمور سوءاً، ويرفع خطر انتشار الأوبئة المنقولة بالمياه والحشرات، في وقت يعاني فيه أكثر من 13 مليون نازح داخل البلاد من أوضاع إنسانية صعبة، بينما يواجه نصف السكان انعداماً حادًا في الأمن الغذائي.
وحذر لوكيير من أن هذه الظروف تهيئ الأرضية لتفشّي الأوبئة بشكل واسع ما لم تُتخذ إجراءات إنسانية عاجلة وشاملة.
وبخصوص الكوليرا، أوضح لوكيير أن الحصول على بيانات دقيقة حول عدد الإصابات صعب بسبب ضعف الوصول إلى المرافق الصحية ونقص الخدمات الطبية.
وسُجلت حالات في عدة ولايات، أبرزها جنوب دارفور، فيما شهدت ولاية الخرطوم ارتفاعاً حاداً في الإصابات خلال مايو الماضي بسبب تعطّل المرافق وانقطاع الكهرباء، خاصة في مدينة أم درمان التي عانى سكانها من صعوبة الوصول إلى المياه النظيفة.
وقال لوكيير إن منظمة “أطباء بلا حدود” تعمل مع وزارة الصحة لتعزيز جهود مكافحة الكوليرا من خلال دعم وحدات العلاج ونقاط إعادة الترطيب، بالإضافة إلى حملات التوعية المجتمعية.
ورغم الجهود المبذولة، تواجه المنظمات الإنسانية تحديات ضخمة في تقديم الرعاية، نتيجة القيود الإدارية ونقص التمويل والإمدادات الطبية، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى المناطق المتأثرة بالنزاع.
وأدى توقف حملات التطعيم الروتينية إلى تفشي أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الحصبة بين الأطفال. كما تعاني البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية ومحطات المياه والكهرباء، من هجمات مستمرة تزيد الوضع سوءاً، حيث لا تعمل 70-80% من المرافق الصحية بشكل فعّال وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2024.
ووصف لوكيير الوضع الإنساني في السودان بـ”الكارثي”، مستشهداً بتقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى وجود أكثر من 13 مليون نازح يعيش معظمهم في ظروف مزدحمة وغير صحية مع محدودية في الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وحث المجتمع الدولي على تكثيف تدخلاته، وإزالة العقبات البيروقراطية، وتأمين الإمدادات الطبية مسبقًا لتفادي تفاقم الأزمة.
أما في إقليم دارفور، فأشار إلى أن الوضع الصحي يتدهور بشكل سريع، خاصة في شمال دارفور، حيث تعرض مخيم زمزم للنازحين لهجوم واسع في أبريل الماضي، بعد حصار وتجويع دام عام كامل، ما أدى إلى نزوح معظم سكان المخيم.
وأكد أن الوصول إلى الرعاية الصحية هناك محدود للغاية بسبب انعدام الأمن وتضرر البنية التحتية، بينما لا تعمل سوى بعض وكالات الأمم المتحدة وعدد قليل من المنظمات غير الحكومية.
وختم لوكيير بالتأكيد على استمرار “أطباء بلا حدود” في تقديم خدمات الطوارئ والرعاية الأساسية، رغم التحديات الأمنية واللوجستية، مشدداً على أن السودان يواجه كارثة صحية وإنسانية معقدة تستوجب استجابة دولية عاجلة لمنع تفشي أوبئة مدمرة، لا سيما في المناطق الأكثر تضرراً من النزاع والنزوح.
ويعاني السودان منذ أبريل 2023 من حرب أهلية دموية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، تسببت بمقتل عشرات الآلاف وتدمير واسع في البنية التحتية، بالإضافة إلى نزوح وهجرة ملايين السودانيين وسط أوضاع مأساوية وصلت إلى حد المجاعة في بعض مناطق البلاد.