أمستردام.. أبعد من كرة قدم يتقاذفها لاعبون
زاوية مينا
يعيش فيها مليون ونصف مليون عربي ومسلم، بعضهم من أصحاب شهادة اللجوء، وثمة من انخرط بالأعمال، وككل المهاجرين إن لم يعيشوا ثنائية الهوية، فلابد أن يعيشوا قلقها، ولابد أن المعتدل منهم والمتطرف، يَحسِب حساباً ليكون جزءاً من البلد المضيف، يراعي قوانينه ما أمكن، أقله خوفاً من تمزيق بطاقته وإعادته إلى بلده المحاصر بالحرب أو الذي تفتك به قلّة الفرص إن لم نقل المجاعة.
ما حدث في امستردام هو ما يمكن تسميته بـ “الاحتقان”، فالمتفق عليه من معظم وسائل الإعلام (العاقلة) أن وقع الاصطدام بين مؤيدين لفلسطين، وإسرائيليين كانوا البادئين بإطلاق شعارات استفزازية وعبارات كراهية.
تلك هي الخلاصة “صدامات ما بين مؤيدين لفلسطين وإسرائيليون”، ومن بعدها “صدر كم هائل من الإدانات من جانب المسؤولين في الحكومة الهولندية، فضلا عن الملك والسلطات المحلية، لما وصفوه باعتداءات ضد السامية، من دون أن يبرز موقف واحد يدين حرق العلم الفلسطيني الذي سبق الاشتباكات ولا هتافات الموت للعرب التي أطلقها الإسرائيليون في أمستردام”.
الحكومة الإسرائيلية لم تضيّع الوقت فقد استثمرت باللحظة أيّ استثمار، وصولاً إلى أن يلتقي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز في أمستردام فضلاً عن وزير العدل الهولندي.
فيلدرز، الذي يرأس أكبر حزب في الحكومة الهولندية والمعروف بتصريحاته المناهضة للمسلمين، أكد لساعر “أن القيم الإسلامية الأصولية ليس لها مكان في مجتمع حر”.
تصريحات حكومية هولندية لم تتوقف ولو للحظة أمام وقائع ماحدث، وتفاصيل ماحدث، ومن ثم نتائج ما حدث التي جرّت إليها مقدمات الأحداث، فحسب الشرطة الهولندية، بدأ التوتر منذ الأربعاء، قبل 24 ساعة من موعد المباراة، وتخلله قيام مشجعين إسرائيليين بنزع علم فلسطيني عن شقة سكنية من واجهة مبنى في روكين، ودمّروا سيارة أجرة”. ومن بعدها “تمّ إشعال علم فلسطيني في دام”، وهي إحدى مناطق العاصمة، والكلام من محضر الشرطة الهولندية.
عقب المباراة، ليلا اندلعت الاشتباكات، وقبل انطلاق المباراة، أظهرت مقاطع مصورة أخرى استفزاز المشجعين الإسرائيليين الجماهير الهولندية بالمدرجات، برفضهم الوقوف دقيقة صمت حداداً على ضحايا فيضانات فالنسيا الإسبانية، بل وأشعلوا الألعاب النارية خلال الدقيقة وبقية الجماهير صامتة.
في إسرائيل، تصدرت هذه الاشتباكات العناوين وقارن بعضها ما جرى بهجمات 7 أكتوبر، ووصف نتنياهو ما جرى بأنه “اعتداء معاد للسامية”، وذلك في اتصال مع نظيره الهولندي.
كل المقدمات تفيد بأنه لا العرب ولا الفلسطينيون ولا المسلمون من اوقد النار في أمستردام، كلّها تشير إلى أن جمهور اللاعب الإسرائيلي لعب في الشارع الهولندي، وكلّها تشير إلى أنه انتزع العربي / المسلم / وغير المسلم، ممن “يمشون الحيط إلى الحيط” إلى اقتتال لم يرفع شعاراً أو يافطة أو كلمة واحدة تعني:
ـ العداء للسامية.
ماذا على عرب أوروبا ومسلميهم أن يقدّموا من براهين بأنهم “ليسوا معادين للسامية” لينالوا رضى حكومات أوروبية لم تكن في ضعفها وهزالها كما حالها اليوم / اللحظة؟
ـ مجرد الكوفية الفلسطينية باتت إنذراً بحرب أهلية.
هذا ما يُشتغَل عليه بما هو أبعد من:
ـ ملعب فوتبول وولد يحاصره بوليس يصفّد قبضتيه بعد أن يكبّل فمه.