fbpx
أخر الأخبار

أوروبا تعزز خطط التسلح وترفض أي سلام مفروض على أوكرانيا

مرصد مينا

في ظل التهديدات المتزايدة التي تواجهها أوروبا جراء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، تتسارع التحركات الأوروبية نحو تعزيز قدراتها الدفاعية، مع رفض قاطع لأي حلول تُفرض على أوكرانيا دون إرادتها.

وخلال قمة استثنائية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الخميس، حيث حضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن أوروبا تمر “بلحظة حاسمة”، ما يستدعي تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا، ومنح أوكرانيا الدعم اللازم لحماية سيادتها والسعي نحو “سلام عادل ودائم”.

من جهته، شدد المستشار الألماني على رفض بلاده القاطع لأي “سلام مفروض” على أوكرانيا، في إشارة إلى الضغوط التي قد تُمارس لإجبار كييف على تقديم تنازلات لصالح موسكو، مع التأكيد على ضرورة الاستمرار في دعمها عسكرياً واقتصادياً لمواجهة الغزو الروسي.

دعوات لمواصلة الضغط على روسيا

وفي سياق متصل، دعا زيلينسكي إلى عدم تخفيف الضغط على روسيا لإنهاء الحرب، مشيراً إلى حادثة استهداف فندق في كريفيي ريغ وسط البلاد، حيث كان يقيم عمال أجانب ومتطوعون من منظمات إنسانية، بينهم مواطنون من أوكرانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وشدد زيلينسكي في منشور على منصة “إكس” على ضرورة مواصلة الجهود الدولية لعزل موسكو وإجبارها على إنهاء الحرب وفق شروط أوكرانيا.

المساعدات الاستخباراتية والعسكرية في مهب الريح

في خضم هذه التطورات، أعلن وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، أن بلاده تواصل تقديم المعلومات الاستخباراتية العسكرية لأوكرانيا، وذلك بعدما أعلنت واشنطن تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف.

وأوضح لوكورنو أن “الاستخبارات الفرنسية سيادية، ولدينا قدرات خاصة بنا ننقلها للأوكرانيين للاستفادة منها”، مؤكداً استمرار الدعم الفرنسي لكييف رغم التغييرات في الموقف الأميركي.

وجاء هذا الإعلان وسط مناقشات مكثفة بين قادة الاتحاد الأوروبي حول خطط تعزيز قدراتهم العسكرية، وإنشاء مجلس أوروبي خاص للدفاع، إلى جانب بحث آليات دعم أوكرانيا بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد المساعدات العسكرية لكييف.

تحولات في السياسة الدفاعية الأوروبية

في تحول غير مسبوق، قررت ألمانيا ضخ استثمارات ضخمة في قطاعها العسكري، في خطوة تتناقض مع نهجها المالي الصارم في السنوات الماضية.

كما دعت برلين إلى مراجعة قواعد الميزانية الأوروبية الصارمة للسماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها الدفاعي دون احتسابها ضمن العجز المالي، وهو ما أثار جدلاً داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.

وينتظر أن يصل المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرتس، إلى بروكسل لعقد محادثات مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، قبل بدء القمة، وسط أنظار مراقبين يرون أن برلين تلعب دوراً رئيسياً في رسم ملامح السياسة الدفاعية الجديدة للقارة.

وفي ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة التي أفرزتها مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة طموحة لـ”إعادة تسليح أوروبا”، تتضمن ضخ حوالي 800 مليار يورو لتعزيز القدرات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي.

وفي خطوة تعكس إدراك باريس لخطورة الموقف، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نيته فتح “نقاش استراتيجي” حول إمكانية وضع أوروبا تحت الحماية النووية الفرنسية، في ظل الشكوك المتزايدة بشأن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن القارة.

واشنطن تعلق مساعداتها العسكرية لأوكرانيا

في تطور مفاجئ، أعلنت واشنطن تعليق مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، بالإضافة إلى وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية معها، وهو ما اعتبره خبراء عسكريون تهديداً مباشراً لقدرة كييف على التصدي للغزو الروسي.

ويأتي هذا القرار في أعقاب مكالمة هاتفية طويلة بين الرئيسين ترامب وبوتين في 12 فبراير الماضي، أثارت مخاوف بشأن احتمالية تقارب بين واشنطن وموسكو على حساب كييف.

وأوضح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) جون راتكليف أن تعليق التعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا جزء من استراتيجية جديدة قد تعيد رسم العلاقة بين البلدين.

وفي المقابل، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم حوالي 30 مليار يورو كمساعدات لأوكرانيا خلال عام 2025، لكن العديد من الدول الأعضاء لا ترى ضرورة لزيادة هذا المبلغ في الوقت الحالي، ما يعكس تباين المواقف داخل التكتل بشأن مستوى الدعم المطلوب لكييف.

مفاوضات محتملة بين أوكرانيا وواشنطن

بعد توتر العلاقات بين كييف وواشنطن، خصوصاً إثر المشادة الكلامية الأخيرة بين زيلينسكي وترامب في البيت الأبيض، تحاول أوكرانيا الآن تهدئة الأوضاع مع الإدارة الأميركية، حيث أُعلن عن بدء مفاوضات جديدة بين الطرفين لضمان استمرار الدعم العسكري والاقتصادي.

وفي هذا السياق، يطالب زيلينسكي بضمانات أمنية قوية من الغرب، تضمن حماية أوكرانيا من أي هجوم روسي مستقبلي.

وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: “نريد جميعاً مستقبلاً آمناً لشعبنا، وليس مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار، بل إنهاء الحرب بشكل نهائي”.

وفي محاولة لفتح نافذة للحوار، عرض زيلينسكي مؤخراً هدنة مع روسيا في الجو والبحر، كبادرة لبدء مفاوضات تهدف إلى تحقيق “سلام دائم” بقيادة الرئيس الأميركي ترامب، كما أبدى استعداده لتوقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة بشأن استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية، وهو مطلب سابق للرئيس الأميركي.

انقسامات أوروبية وتهديد أوربان

وفي الوقت الذي يسعى فيه قادة الاتحاد الأوروبي إلى توحيد موقفهم بشأن دعم أوكرانيا، يبرز تحدٍّ داخلي يتمثل في معارضة رئيس الوزراء المجري المحافظ، فيكتور أوربان، المؤيد لترامب، الذي حذّر من التسرع في تبني قرارات حاسمة بشأن أوكرانيا خلال القمة الأوروبية.

وقال دبلوماسي أوروبي إن الهدف الأساسي هو الوصول إلى إجماع بين الدول الـ27 الأعضاء، أو على الأقل تأمين دعم واسع لكييف، مع التأكيد على أن “أهم شيء هو ضمان استمرار تدفق المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أوكرانيا”.

ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد الشكوك بشأن التزام الولايات المتحدة تجاه أوروبا، تجد القارة العجوز نفسها أمام تحديات غير مسبوقة تتطلب قرارات جريئة.

وبينما تعمل الدول الأوروبية على تعزيز قدراتها الدفاعية، يظل مستقبل العلاقات بين أوكرانيا والغرب مرهوناً بالتطورات السياسية والمفاوضات الجارية على أكثر من صعيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى