إذا ماتحوّل الناتو إلى “قطعة أثرية من عصر ضائع”
تقرير موسّع لـ “فورين بوليسي”، من محتوياته سؤال:
ـ ماذا لو انتصرت روسيا في أوكرانيا؟
تقول فورين أفيرز إنه إذا استطاعت روسيا السيطرة على أوكرانيا أو تمكنت من زعزعة استقرارها على نطاق واسع، فستبدأ حقبة جديدة للولايات المتحدة وأوروبا. سيواجه زعماء الولايات المتحدة وأوروبا التحدي المزدوج المتمثل في إعادة التفكير في الأمن الأوروبي وعدم الانجرار إلى حرب أكبر مع روسيا. سيتعين على جميع الأطراف النظر في إمكانات الخصوم المسلحين نووياً في مواجهة مباشرة. هاتان المسألتان -الدفاع بقوة عن السلام الأوروبي وتجنب التصعيد العسكري مع روسيا- لن تكونا متوافقتين بالضرورة. قد تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم غير مستعدين تماماً لمهمة الاضطرار إلى إنشاء نظام أمني أوروبي جديد نتيجة للأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا.
بالنسبة لروسيا، قد يتخذ النصر في أوكرانيا أشكالاً مختلفة. كما هو الحال في سوريا، لا يجب أن يؤدي النصر إلى تسوية مستدامة. يمكن أن ينطوي على تنصيب حكومة ممتثلة في كييف أو تقسيم البلاد. وبدلاً من ذلك، فإن هزيمة الجيش الأوكراني والتفاوض على استسلام أوكرانيا يمكن أن يحول أوكرانيا فعلياً إلى دولة فاشلة. يمكن لروسيا أيضاً استخدام هجمات إلكترونية مدمرة وأدوات تضليل، مدعومة بالتهديد باستخدام القوة، لشل البلاد والحث على تغيير النظام. مع أي من هذه النتائج، ستكون أوكرانيا قد انفصلت فعلياً عن الغرب.
إذا حققت روسيا أهدافها السياسية في أوكرانيا بالوسائل العسكرية، فلن تكون أوروبا كما كانت قبل الحرب. لن يقتصر الأمر على تفوق الولايات المتحدة في أوروبا، إن أي شعور بأن الاتحاد الأوروبي أو الناتو يمكن أن يضمن السلام في القارة سيكون بمثابة “قطعة أثرية لعصر ضائع”. بدلاً من ذلك، يجب حصر الأمن في أوروبا في الدفاع عن الأعضاء الأساسيين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. كل من خارج الأندية سيقف بمفرده، باستثناء فنلندا والسويد. قد لا يكون هذا بالضرورة قراراً واعياً لإنهاء سياسة التوسيع أو الارتباط، لكنها ستكون سياسة الأمر الواقع. في ظل الحصار المتصور من قِبَل روسيا، لن يكون لدى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي القدرة على خلق سياسات طموحة خارج حدودهما.
ستكون الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً في حالة حرب اقتصادية دائمة مع روسيا. سيسعى الغرب إلى فرض عقوبات كاسحة، والتي من المرجح أن تتجنبها روسيا مع الإجراءات الإلكترونية وابتزاز الطاقة والغاز، نظراً للتفاوتات الاقتصادية. قد تقف الصين إلى جانب روسيا في هذه الخطوة الاقتصادية.
في غضون ذلك، ستشبه السياسة الداخلية في الدول الأوروبية لعبة القرن الحادي والعشرين الكبرى، حيث ستدرس روسيا أوروبا بحثاً عن أي انهيار في الالتزام بحلف الناتو والعلاقة عبر الأطلسي. من خلال أساليب عديدة، ستنتهز روسيا أي فرصة تأتي في طريقها للتأثير على الرأي العام والانتخابات في الدول الأوروبية. سيكون لروسيا حضور فوضوي، حقيقي أحياناً ومتخيل أحياناً أخرى- في كل حالة من حالات عدم الاستقرار السياسي الأوروبي.
كل هذه التوقعات أنتجتها فورين بوليسي ماقبل الحرب، غير أن الحرب وقعت وجزء كبير من توقعاتها كان علىى صواب.
كل ما تبقّى هو السؤال:
ـ هل سيتحوّل الناتو في أوروبا إلى “قطعة أثرية لعصر ضائع”؟