إذا ما تحولت إلى “حماس لاند”
مرصد مينا
وكأن “حماس” ستقع في فخ “فتح” يوم اختار الفتحاويون لبنان لتكون أرضه هي أرض”فتح لاند”، فهذه تصريحات حمساوية تعلن بأنها ستطلق عمليات عسكرية من لبنان ليكون لبنان “حماس لاند” وهي الصيغة التي طالما تركت في اللبنانيين ندباً أخذتهم إلى حرب أهلية طويلة لم يسعفها ما بعدها وقد تاهت الدولة ما بين احتلالين، الاحتلال السوري ومن بعده احتلال امراء الطوائف، وذلك بجريرة تهوّر الفتحاويين الذين لم يدركوا آنها بأن حركة التحرر الوطني تنطلق من أرضها لا من أراضي الغير، خصوصاً و “الغير” هذا غارق بالأزمات حتى إذا ما وقع بالحرب فهذا لابد وسيعني الغرق الكامل دون إسعاف المقاتل الغزاوي، ما يعني:
ـ نُغرق لبنان ولا ننصر فلسطين.
وهذا ذروة الحماقة إن لم نقل اللعب بدم الآخرين ما بعد أنهار الدم الفلسطيني التي أخذت غزّة من مجهول الحرب إلى مجاهيل ما بعد توقفها، هذا إذا توقفت.
فلسطينيو لبنان، والمجموعين في مخيمات شتّى تمتد من جنوبه إلى شماله إلى بعلبك والبقاع، يعلمون حساسية الوضع اللبناني، ومعه يعلمون معنى الصراعات الفلسطينية الفلسطينية بتعبيراتها في نهر البارد وسواه، ومن ثم لابد ويثقلون على اللبنانيين إن استمرت لعبة الفوضى في بلد لا يحتاج اكثر من “زقة” ليتدحرج إلى الهاوية، وإذا ما امتدوا اكثر وصولاً إلى “عسكرة فلسطينية” للجنوب، فهذا لابد ويسحب أيّ تضامن لبناني مع قضيتهم وبنتائجها سيكون البحر وحده الكفيل باقتلاعهم من لبنان، ولكن ليس بالصيغة التي اقتلعت فيها “فتح” يوم نقلتهم السفن من ميناء طرابلس إلى “حمام الشط” التونسي، فلا سفن تسعف اليوم، ولا توانسة بانتظار الفلسطيني القادم من ويلات الاجتياح، وساعتها سيكون الفلسطيني :
ـ يا وحده.
ليس بالصيغة الشعرية التي اتاها محمود درويش ولكن بالصيغة الواضحة، الصريحة، فاقعة البؤس، ومن منتوجات التهور الحمساوي وقد أخذ غزة اليوم إلى فوهة الغول الإسرائيلي، من أجل “لا هدف” واضح وصريح سوى اختلاق ازمة طالما كانت فرصة للعدو، وهي الصيغة “الكيسنجرية” المعروفة بـ :
ـ توليد الازمات لاختلاق الفرص.
فالفرصة الأكثر إغراء للإسرائيليين اليوم هي اقتلاع الفلسطيني من غزة لخلق الوطن البديل في سيناء او النقب، وإذا ما انطلق عمل فلسطيني عسكري من لبنان فلهذا معنى واحد وهو اقتلاعه من المخيم لا بالفعل الإسرائيلي وحده، بل بتحالف فعلين معاً، فلسطيني / لبناني، وهي الصيغة التي لابد وتلاقي قبولاً لبنانياً واسعاً لا في الصف المسيحي بمفرده، بل الإسلامي كذلك دون نسيان الشيعة المسلمين، ولن يكون “حزب الله” قادراً على مناصرة الفلسطيني إذا ما جلب الفلسطيني الخراب إلى لبنان، أو تسبب به، وخيار كهذا سيقود حتى حليف “حماس” ونعني “حزب الله” إلى متاهة لن يخرج منها، وهو بالتحديد ما تبحث عنه إسرائيل لتنقل حربها من “حرب فلسطينية / إسرائيلية” إلى حرب “فلسطينية / لبنانية” ومن ثم يجلس مجلس حكماء الحرب الإسرائيليون على حافة النهر لالتقاط جثث المتحاربين.
سيكون الأمر كذلك بفارق أن لا نهر في لبنان، وإنما بحر أسماكه بالغة الشراهة، بانتظار حرب تؤمن له مؤونة الشتاء.