إعلاميو مصر في تركيا.. الالتفاف على الخازوق لا لجلوس عليه
إعلاميو جماعة الاخوان في المأزق الصعب.. هو مأزق “الارتهان”، فالملجأ التركي لم يعد صالحًا والرئيس التركي أردوغان (باعهم).
الجماعة يتعاطون بهدوء مع الصفقة، ويبحثون عن ملجأ جديد، فليس بعيدًا أن تتخذ قطر الخطوة التركية، أو ما يماثلها، أقله بفعل تصالحهما مع مصر، وهو التصالح التركي ـ القطري البارد، الذي قد ينتقل إلى تصالح فاتر أو ساخن، وعندما يلعب الفيلة لابد وأن تنهرس الأعشاب.
إعلاميو الاخوان مازالوا يداورون، ويلتفون على الخازوق، فالقاعدة الاخوانية المعمول بها منذ سيد قطب إلى اللحظة هي “الالتفاف على الخازوق، أسهل من الجلوس عليه”.
ـ وكان الالتفاف واحدة من سمات جماعة الاخوان، الذين قلّما نجحوا في الخلاص من الخازوق ويكفي النظر إلى تجربتهم مع عبد الناصر ومن ثم مع السادات.
مع ذلك ثمة منهم من يحكي عن “الخازوق” التركي، وللعلم فالخازوق هو اختراع تركي كما المقصلة اختراع فرنسي.
أحد أبرزهم وهو محمد ناصر المذيع بفضائية “مكملين” نشر فيديو في صفحته على مواقع التواصل، قال فيه “أنه في حال وصل التقارب مع مصر لمحطته الأخيرة، فسيهاجر إلى كندا أو بريطانيا”.
وبطريقه وبالتهذيب المتكلَف أقر الرجل أن الجماعة تهادن الآن وتناور وتلتزم بالتعليمات التركية بانتظار معرفة الموقف النهائي من التقارب مع مصر، مؤكدا في الوقت عينه أن قيادات الإخوان ستواصل سياستها ضد القاهرة حتى ولو من خارج تركيا.
لم يكن حال معتز مطر، الاعلامي الراقص، الذي يعمل بفضائية الشرق التابعة للإخوان أفضل من حال (أخيه في الاخونة) فقد بث فيديو على صفحته على مواقع التواصل، عبر فيه عن احترامه لرغبة أنقرة في التقارب مع مصر، معلنا أنه قد يتوجه إلى بريطانيا أو كندا أو البرازيل أو إفريقيا في حالة صدر قرار نهائي بترحيل إعلاميي الإخوان وقادتهم أو إغلاق فضائياتهم.
والحال كذلك، ماهو مصير إعلاميو الاخوان الذين اتخذوا من تركيا منصة لهم في حال اتخذ القرار النهائي بإيقافهم عن العمل وإيقاف محطاتهم، وفي حال : قضي الأمر؟
المعلومات المتوفرة حتى اللحظة تقول بأنهم قد بدأوا باتخاذ خطوات جدية وفعلية بحثًا عن ملاذات سريعة وآمنة للعناصر التي قد تخرج من تركيا، وتوفير منصات إعلامية بديلة لاستيعاب العاملين في فضائيات اسطنبول.
الظاهر من المستتر أن بريطانيا ستكون مقرهم الجديد، ومن يتولى التنسيق لهذا الأمر هو محمود الإبياري القيادي بالتنظيم الدولي والمقيم في لندن، بالإضافة إلى الدكتور محمد سودان أمين لجنة العلاقات الخارجية بجماعة الإخوان المقيم أيضا في لندن.
في المعلومات المضافة أن ثمة أسر من جماعات الاخوان قد غادرت تركيا إلى بريطانيا فعلاً، أما عن توفير المنصات الإعلامية البديلة التي قد تستوعب الإعلاميين والعاملين بفضائيات اسطنبول، فجرت عدة مناقشات حولها، واتفق على ضرورة التنسيق مع عبد الرحمن أبو دية (وهو قيادي بالتنظيم الدولي فلسطيني الجنسية)، الذي يتولى الملف الإعلامي للجماعة، من أجل دراسة عدة مقترحات منها نقل العاملين من اسطنبول في حالة صدور قرار نهائي بإغلاقها، إلى فضائيات جديدة تبث من لندن أو دول أوروبية أخرى منها فضائية “قاف” التي انطلقت مؤخرا ويشرف عليها سالم الشيخي وهو قيادي من قيادات الإخوان في ليبيا.
كما طرحت مقترحات أخرى بإطلاق فضائية “الحوار 2” من لندن فضلا عن إطلاق عدة مواقع إخبارية في الدول التي ستستوعب عناصر الجماعة وإعلامييها حتى يمكن توفير فرص عمل لهم تعويضهم عن فضائيات اسطنبول التي قد تغلق.
مسألة إعلاميي الاخوان هذه، تطرح ماهو أبعد، وفيما هو أبعد يستدعي بعض الخلاصات ومن بينها كما سبق وقلنا أن صراع الفيلة يودي بالأعشاب، فما الذي سيكون عليه حال “جماعة الاخوان” فيما لو تصالح رجب الطيب أردوغان مع بشار الأسد، وهذا ليس بالأمر المسبتعد في لعبة الدول، والكل يعلم أن الجسر الروسي الممتد ما بين موسكو ـ أنقرة، قد يتابع طريقه إلى دمشق، دون نسيان الترتيبات التركية ـ الايرانية، والتي قد تجمع الرأسين في عمامة واحدة نصفها أبيض ونصفها أسود؟
في حال كهذا ما الذي سيكون عليه حال المنصات الإعلامية السورية في بلد مثل تركيا.. تركيا “الاسلامية” حين تقتضي المصلحة، و “العلمانية” حين تذهب المصلحة بطريق آخر، و “الطغيانية” في كل الأحيان؟
لابد وأن يكون هذا السؤال سؤالاً مقلقًا للإعلاميين السوريين، والمنصات الإعلامية في تركيا، فالقاعدة تقول:
ـ اكلت يوم أكل الثور الأسود.