إنه “دونالد ترامب”.. إنها تغريداته

زاوية مينا
يبقى السؤال: هل لحوثي يورّط الإيراني، أم انهما يتخادما؟ أما الإجابة، فلابد عند “جهينة الخبر اليقين”، وعلى الدوام ستكون “جهينة” في تل أبيب، اما عن الإجابة فربما حملتها “ها آرتس” وقد افتتحت كلامها بالقول:” كل طلقة يطلقها الحوثيون ستعد وكأنها أطلقت من سلاح إيراني وقيادة إيرانية”.
وسيأتي كلامها هذا ما بعد الانعطاف نحو دونالد ترامب وقد حذر “إيران ستتحمل المسؤولية وستكون النتائج قاسية جداً”، فالصاروخ الذي أطلقه الحوثيون نحو إسرائيل وصفارات الإنذار التي أيقظت مواطنيها في الساعة الرابعة فجراً ربما تثير التوقع بأنه في القريب ستظهر على شاشات الرادار تلك النقاط المضيئة التي ستبشر بهجوم جوي أمريكي أو إطلاق الصواريخ نحو إيران”.
هذا يعني أن طهران باتت على فوهة البركان، ففي الحقيقة أمر ترامب بمهاجمة قواعد الحوثيين بحجم غير مسبوق، ولكن لم يتضح بعد الهدف النهائي للهجوم. ـ الردع؟ تقليص القدرة؟ تدمير سلطة الحوثيين؟ هل فرض على الحوثيين مفاوضات لوقف هجماتهم؟ كلها أسئلة وكلها تستدعي القراءة ففي آب الماضي، غرد ترامب باستهزاء: “من الذي يجري مفاوضات في الشرق الأوسط باسمنا؟ القنابل تسقط في كل مكان.
وجو الناعس ينام على شاطئ كاليفورنيا بعد أن نفاه الحزب الديمقراطي”. الآن قنابل ترامب “تسقط في كل مكان”. ورد أمريكا مرعب أكثر من الذي كان في عهد بايدن. ولكن لم يوقف صواريخ الحوثيين حتى الآن.
ماذا بشأن تهديد إيران؟ لنصغي إلى الإجابة:
قبل أسبوع تقريباً، بدأ العد التنازلي للستين يوماً التي منحها ترامب للقيادة في إيران لبلورة اتفاق نووي جديد ومن غير المعروف إذا كانت الرسالة التي أرسلها ترامب للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بواسطة الإمارات تتضمن أيضاً تهديداً لإيران إذا لم تستجب لـ “دعوته” للتفاوض.
ـ هل سيفتح عليها الرئيس أبواب جهنم أيضاً، أم سيكون مصير هذا التهديد مثل مصير التهديدات الأخرى التي أطلقها ترامب في الأشهر الثلاثة من ولايته؟
إيران، بالمناسبة، أصبحت معتادة على تهديدات ترامب. ففي ديسمبر/ كانون الثاني 2020، بعد بضعة أيام على اغتيال قاسم سليماني، كان ترامب قد هدد إيران “حددنا 52 موقعاً في إيران (تمثل عدد الرهائن الأمريكيين الذين تم أسرهم على يد إيران)، بعضها مهم لإيران ولحضارتها.يمكننا ضربها وضرب إيران بسرعة وبقوة كبيرة”.
كان هذا نصّ التهديد والأهداف موجودة حقاً؛ والذريعة الجديدة أصبحت ناضجة؛ لكن يفضل حبس الأنفاس؛ إذ يصعب التخمين إذا كان ترامب سيفضل الانتظار إلى أن ترد إيران على دعوته للتفاوض أم أنه سيقرر تحطيم احتمالية إجراء المفاوضات بمهاجمة إيران لأن الحوثيين أطلقوا صاروخاً على إسرائيل.
ستتابع ها آرتس: باستثناء دعوة التفاوض، ربما لا يملك ترامب خطة عمل واقعية، سواء دبلوماسية أو عسكرية إزاء إيران، بالضبط مثل انسحابه من الاتفاق النووي في 2018 الذي كان بدون استراتيجية لليوم التالي.
لم تكن لدى ترامب خطة بديلة للاتفاق النووي الأصلي، و”معظم الضغط”، حسب رأيه، الذي استخدمه ضد إيران عقب الانسحاب أدى إلى ازدهار المشروع النووي وزيادة واضحة لكمية اليورانيوم المخصب وارتفاع خطير في مستوى التخصيب حتى 60 في المئة بدلاً من 3.67 في المئة، كما تقرر في الاتفاق الأصلي.
إيران ليست الوحيدة التي تنتظر تطبيق تهديدات ووعود ترامب. أكثر من مليوني غزي لا يعرفون إذا كان عليهم البدء في حزم أغراضهم التي بقيت بعد القصف والاستعداد للانتقال إلى “أماكن جميلة لن يريدوا العودة منها”، أم من الأفضل إيجاد خيمة فارغة أو مبنى لم يدمر بالكامل كي يقضوا فيه الحرب التي تجددت – التي لا نعرف كم ستستمر.
الدائرة تتسع، وتهديدات ترامب ليست أقل سعة من اتساع دوائر المواجهة، وهكذا فعلى هامش الطريق بين اليمن وغزة وإيران، مواضيع أخرى ملقاة ومتروكة تنتظر سياسة أمريكية لها هدف محدد. احتلال أراض في لبنان، وترسيم الحدود البرية بين الدولتين؛ والسيطرة على مواقع في سوريا وبلورة استراتيجية تجاه النظام الجديد في سوريا؛ وسحب القوات الأمريكية من سوريا والتزام أمريكا بالدفاع عن الأكراد؛ والحرب الأهلية الدموية في السودان.
وحتى الآن، من غير المعروف كيف ينوي ترامب معالجة المضي بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإذا ما كان سيذهب إلى حلف دفاع مع السعودية بدون التطبيع. صحيح أن ثلاثة أشهر مرت منذ إلقاء ترامب لخطاب تتويجه، والميزان الفاحص الأول من المعتاد القيام به بعد 100 يوم.
ولكن حسب التهديدات التي أطلقها (والتي تراجع عنها)، والوعود والأحلام والأوهام التي زرعها، يبدو أن ترامب قد لبى بالفعل حصة الإنتاج المحددة لولاية رئاسية كاملة.