إيران تحت الأرض
لن يتوقف العبث في لبنان مادام حزب الله يحتكر السلاح ويملي شروطه على البلد، تلك حقيقة أولى، أما الحقيقة الثانية فهي أن ملالي طهران يسترسلون بلعبتهم لإحراق الإقليم، بما فيه دولتهم.
الرئيس دونالد ترمب، ليس بصدد فتح حرب في أي مكان من العالم، فالامبرطورية الأمريكية لابد وأنها باتت امبراطورية الاقتصاد وليست امبراطورية السلاح، والسلاح لن يزيد عن كونه ضامنًا للاقتصاد.
ما سبق يعني أن الحرب بالنسبة للأمريكان ليست خيارًا، وليست فضيلة، وإنما هي ضرورة قد تصل إليها، ذلك حين يجدون أن ما لا بد منه، لاغنى عنه.
اليوم، يشتغل الأمريكيون على حصار طهران، كذلك على حزب الله، وليست جولات الخزانة الأمريكية على المصارف اللبنانية سوى التلويح بهذه الحرب، والولايات المتحدة لاشك ستواجه حرجًا كبيرًا فيما لو امتدت اكثر في المصارف اللبنانية وفرض العقوبات عليها، أقله لأن هذه العقوبات ستطال أطرافًا لبنانية على التضاد من حزب الله، كما ستطال مودعين لاناقة لهم ولاجمل في هكذا حرب.
حزب الله، يعرف تلك الحقيقة ولاشك يلعب عليها، فاللبنانيون، مجموع اللبنانيين باتوا جدران صدّ بالنسبة اليه، هذا إن لم نقل رهائن لسلاحه، والأمريكان يعرفون هذه الحقيقة، وهي الحقيقة التي تدفعهم إلى طول النفس.
طول النفس يتمثل في الدعوات الأمريكية المتوالية للحوار مع طهران، وطول النفس يتمثل في تقدم أطراف لبنانية ومن بينها تيار المستقبل لتهدئة الصراع مع حزب الله، والكل، سواء على المستوى المنظومة الأممية، أو على مستوى الصيغة اللبنانية يعرفون أنهم يحاورون حزامًا ناسفًا، أكثر مما يحاورون بشرًا من لحم ودم تعنيهم مصائر شعوبهم.
ولكن ماذا لو انتهت لعبة طول النفس؟
ماذا لو انطلقت الحرب سواء على مياه الخليج بمواجهة الحرس الثوري وقطاع طرقه، أو على مستوى الحدود اللبنانية الإسرائيلية؟
لابد ستكون الكارثة الكبرى، والكارثة تتمثل في التالي:
ـ ستسحق إيران بلا ريب، وسيسحق حزب الله حتمًا، ولكن سيقابل ذلك خسائر مرعبة في الناس والاقتصاد على حد سواء.
تلك هي الصيغة التي تلعب عليها طهران، وتلك الصيغة هي استثمار الملالي، الذين يتساوون مع مجمل حركات الارهاب في العالم بدءًا من داعش وصولاً لبوكو حرام، بفارق أن الحركات الارهابية مجرد ميليشيات في دول، فيما ايران دولة ميليشيات.
ليس ثمة حل ممكن لهذه المعضلة سوى النفس الطويل الذي يعني فيما يعنيه، ادراك أن في إيران، ايرانين: إيرن فوق الأرض، وإيران تحت الأرض.
أما تحت الأرض فثمة معارضة لها تاريخها، وقياداتها، وبرامجها، وهي المعارضات التي تمثل ضمير الإيرانيين وأواجعهم.. الأوجاع التي وطدتها دولة آيات الله، بما جعل الإيراني جائعًا وهو ابن بلد يعوم على النفط وعلى آلاف السنوات من الحضارة : المدنية / الفن والفلسفة والجمال.
تقويض الملالي يأتي من تحت أرض إيران.. مافوق الأرض مغامرة لن يدخلها أحد باعتبارها الفضيلة.
ذلك ما يدركه الرئيس ترامب، وما ندركه نحن بوصفنا من قراء هذا العالم الغارق بالأسرار.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.