إيران.. رؤوس النظام تستشعر الخطر والشارع يتحرك..
بدأت رؤوس النظام الإيراني تقر بخطورة العقوبات الأمريكية وتشكيلها خطرا على بنية النظام حيث أعلن المرشد الإيراني، علي خامنئي، على موقعه الرسمي الإلكتروني، الأربعاء، أن العقوبات الأميركية تضغط على إيران وشعبها. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد انسحب العام الماضي من اتفاق نووي دولي مع إيران وأعاد فرض عقوبات تهدف لضرب صادراتها النفطية وكبح برنامجها الصاروخي والحد من نفوذها الإقليمي. وأثرت الإجراءات على الاقتصاد الإيراني بقوة. وقال خامنئي إن “العقوبات تضغط فعلياً على البلاد وعلى الشعب. الأميركيون يقولون بكل سرور إن هذه العقوبات غير مسبوقة في التاريخ… نعم إنها غير مسبوقة. والهزيمة التي سيواجهها الأميركيون ستكون غير مسبوقة”. الضربة آتية من الداخل أما النائب جليل رحيمي جهان آبادي فحذر بلاده من مصير الاتحاد السوفيتي، قائلاً: “إن الاتحاد السوفيتي رغم امتلاكه لـ13 ألف رأس نووي، لكنه رفع راية الاستسلام في شوارع موسكو”. وأضاف في تصريح وصفته المواقع الإيرانية، بغير المسبوق: “إذا لم نقلل تكاليفنا الزائدة في الداخل والخارج، فسنتلقى الهزيمة داخل طهران”. وأوضح في جلسة البرلمان الإيراني الرسمية، الأحد: “عندما سقط الاتحاد السوفيتي كان يملك 13 ألف رأس نووي ونفوذًا في 20 دولة في العالم ومحطة فضاء، لكنه تفكك في شوارع موسكو”. لافتا إلى أن تدخلات بلاده في المنطقة والعالم، وعواقبها السياسية، قائلاً: “على الرغم من أهمية تأثيرنا وحضورنا في المنطقة، إلا أنه لا يجب نسيان أن ذلك أحيانًا قد يكلفنا أثمانًا باهظة”. آبادي انتقد ً سياسات نظام الملالي قائلا: “اليوم، يواجه الناس صعوبة في الحصول على مصادر رزقهم وملء بطون أطفالهم. إذا لم نتمكن من تخفيض التكاليف الإضافية للسياسة الداخلية والخارجية، فإننا سندفع تكاليف باهظة. إن الضرر الذي يلحق بأمننا القومي لن يكون عن طريق الأعداء بل سيأتينا من الداخل”. وكان حفيد الخميني قد حذر في وقت سابق من سقوط النظام الإيراني، في حال عدم فهم طبيعة السلوك الإنساني وأسباب البقاء والسقوط. وقال حسن الخميني: “إن رضا الناس يشكل الأساس لأي مجتمع”، مطالباً المسؤولين الإيرانيين بضرورة مراعاة مبادئ السلوك البشري والأخذ بعين الاعتبار قواعد البقاء والسقوط. كما شدد على أنه إذا لم يحدث ذلك فلا ضمان للبقاء في الحكم، على حد تعبيره، مضيفًا أنه في حال عدم الالتزام بالقواعد فسينهار النظام الإيراني. وسرد أسباب سقوط الأنظمة، قائلا: “لو رأيتم الاهتمام بالشكليات فقط في المجتمع بدلاً من أسس العلاقات الاجتماعية وأمهات المشاكل فيه، فاعلموا أن ذلك ينذر بعواقب وخيمة”. وفي معرض تشديده على ضرورة الاهتمام بأصحاب الكفاءات، أشار إلى أن عدم الاهتمام بأصحاب الكفاءات يُعتبر سببًا آخر لانهيار الحكومات. وأوضح أن “ترجيح المبتذلين على الحكماء يعد من علامات الانهيار”. مؤشرات.. أولى المؤشرات على التأثر بالعقوبات معاناة الاقتصاد وانعدام استقرار في الشهور الأخيرة إذ تذبذبت قيمة الريال، مما صعب سبل العيش على المواطن العادي، فيما شهدت البلاد احتجاجات مرتبطة بصعوبة الوضع الاقتصادي وقادها سائقو شاحنات ومزارعون وعمال وتجار ومدرسون، ما أسفر في بعض الحالات عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن. الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على طهران دخلت حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني الماضي، حيث طالت قطاعين حيويين بالنسبة لطهران هما النفط والبنوك، إضافة إلى 700 من الشخصيات والكيانات، بينما أقر الاتحاد الأوروبي عقوبات الثلاثاء، على جهاز المخابرات الإيراني، بسبب مؤامرات اغتيال معارضين في أوروبا، حسب ما أعلنه وزير الخارجية الدنماركي، أندرسن سامويلسون. موضحا أن أعضاء الاتحاد الأوروبي اتفقوا على فرض عقوبات على جهاز المخابرات الإيراني لتخطيطه لاغتيالات على الأراضي الأوروبية. هذه إشارة قوية من الاتحاد الأوروبي إلى أننا لن نقبل مثل هذا السلوك في أوروبا”. وتشمل العقوبات تجميد الأصول المالية للجهاز وموظفيه الاثنين في دول الاتحاد، ليعززها. العقوبات الأوروبية على جهاز المخابرات سبقها اتهام وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، إيران بالضلوع في عمليتي اغتيال في بلاده عامي 2015 و2017 مما دفع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة عليها. وقال الوزير الهولندي، في رسالة إلى البرلمان إن جهاز المخابرات في بلاده “لديه دلائل قوية على ضلوع إيران في اغتيال مواطنين هولنديين من أصل إيراني في ألميرا عام 2015 وفي لاهاي عام 2017”. وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن القرار اتخذ بلا مناقشة خلال اجتماع لوزراء أوروبيين في بروكسل والذي كان مخصصا لغرض آخر. وأضافوا أن تجميد الأصول المالية سيدخل حيز التطبيق اعتبارا من الأربعاء. وقالت وزارة الخارجية الدنمركية إن المسؤولين الإيرانيين هما نائب الوزير والمدير العام للمخابرات سعيد هاشمي مقدم، ودبلوماسي يقيم في فيينا يدعى أسد الله أسدي. من المقرر أن يظهر اسماهما في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي غدا الأربعاء. وجاءت العقوبات بعد جهود بذلتها الدنمارك وفرنسا لحشد التأييد لرد فعل من الاتحاد الأوروبي على الاتهامات الموجهة لإيران بالتخطيط لاغتيالات على أراضي البلدين في أواخر العام الماضي. وتؤكد باريس أن قسم الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية كان على صلة بمحاولة تفجير قنبلة خلال مسيرة لمعارضين في 30حزيران الماضي خارج باريس، فيما يقول الدنماركيون إن إيران خططت في تشرين الأول الماضي لجريمة قتل على أراضيهم بحق عضو في جماعة أحوازية. الشارع يتحرك الاحتجاجات لم تغب عن شوارع إيران لتصل إلى قطاع الزراعة بعد أن شهدت الفترة الماضية تحركات طلابية وعمالية، إذ استمرت احتجاجات الفلاحين في أصفهان، وسط إيران، لليوم السادس عشر. كما هتف المزارعون المحتجون في مدينة ورزنة بشعارات ضد من تسببوا في شح المياه بالمحافظة. وقد تجمع المزارعون في البداية في محيط منطقة عباس، في الساعة العاشرة صباح الاثنين، ثم توجهوا إلى وسط المدينة، بمظاهرة حضرها عشرات المحتجين. وتزامناً مع ذلك، تجمع عدد من زبائن شركة سيارات أمام وزارة الصناعة والتجارة، في العاصمة طهران، احتجاجاً على التأخير في تسليم السيارات وارتفاع أسعارها المفاجئ، وتسليم سيارات أخرى بديلة، بعد التأخير. واتهم المحتجون وزارة الصناعة بالتواطؤ مع الشركة، رافعين شعار: “وزارة الصناعة تواطأت”. وقد اعتذر محمد رضا سروش، رئيس الشركة سايبا، للمواطنين، وقال إنه يعتذر بسبب التأخير في تسليم سيارات أخرى بديلة. وحول الأسباب في تأخير تسليم السيارات، قال سروش: “الجميع يعلم ظروف البلاد، جميع شركائنا الأجانب تركوا إيران”. فيما كشف رسول شجري، المسؤول في نقابة بائعي الأحذية في طهران، عن إغلاق 40% من مصانع الأحذية خلال العام الماضي. وقال شجري: “إن إغلاق المصانع تم بسبب شح المواد الأولية، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه فسيتم إغلاق بقية المصانع، مما سيؤدي إلى تسريح العمال والبطالة”. المسؤول الإيراني أوضح : “إن الركود والمشاكل الاقتصادية كانا سببين في هذه الأزمة، والأمر لم يقتصر على العاصمة طهران، ولكن جميع مصانع الأحذية في البلاد تعاني من شح المواد الأولية”. يذكر أن مجال صناعة الأحذية يعمل فيه أكثر من 50 ألف عامل على مستوى العاصمة طهران ونحو 100 ألف عامل في جميع أنحاء إيران. وتجدر الإشارة إلى تزايد الاحتجاجات العمالية والإضرابات العمالية في الآونة الأخيرة في أنحاء مختلفة من إيران، للمطالبة برواتب متأخرة أو ارتفاع أسعار قطع الغيار. كما أن أهالي أصفهان تحديدا يعانون من قلة المياه وهو ما دفع نواب أصفهان في البرلمان مؤخرا إلى تقديم الاستقالة، وهو ما لم ترشح عنه نتائج أو تفاصيل ذات جدوى حتى الآن. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.