استعدوا للمجاعة.. لاتقلقوا علينا نحن مستعدون
يعلّق سوري على صفحته في الفيس بوك “وما الذي يعنينا”؟ والتعليق جاء تعليقًا على تقرير بثته محطة بي بي سي، وهو تقرير يحذّر من “مجاعة عالمية” أعقاب الحرب الروسية الاوكرانية، أما في “تعليقه” على التعليق فهو يقول “بتنا نشتهي أكل التراب”، و “المجاعة حقيقة في بلدنا فالامهات اليوم يطبخن الحصى”، ما يعني أن “من في الحفرة لايقع”، و”لتكن المجاعة العالمية لتساوي بين سكان هذا العالم”، وإذا ما توقفنا أمام التقرير فالعالم اليوم بات يحتاج إلى الاستعداد لمزيد من الجوع والمجاعة والانتفاضات”، وأن العالم ينتظر المزيد من الألم في شكل ارتفاع أسعار الأغذية، ويحتاج للاستعداد بشكل أفضل.
ـ لماذا كل ذلك؟
لأن الحرب ماتزال مستعرة، وقد أوضحت روسيا أنها لا تسعى إلى حل دبلوماسي مبكر، بل على العكس تماما، أقله هذا ما ينبئنا به سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، الذي يرى بأن ” الموقف “في جوهره” هو أنه هناك حرب مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وذلك بعد تسليم أسلحة غربية إلى أوكرانيا، تعتبرها روسيا أهدافا مشروعة”.
ويقول لافروف إن الناتو منخرط في الصراع “من خلال حرب بالوكالة، ويُسلح وكيله في الحرب”.
وبالنظر إلى الموقف الروسي المتشدد ودفاع أوكرانيا القوي والفعال، يجب أن نفترض أن هذا الصراع سيستمر لبعض الوقت، أو للطويل من الوقت، ومثل هذا الاحتمال يستدعي أن يكون العالم والغربي منه على وجه الخصوص مستعدا لعواقب شهور من القتال والدمار. وقد بدأ الشعور بهذه العواقب بالفعل، إذ يقع عبء ارتفاع سعار الغذاء والطاقة العالمية على عاتق الناس والدول الأقل قدرة على التأقلم مع الوضع.
وهناك تأثيرات فورية تتراوح من تقنين بيع زيت الطهي في المتاجر البريطانية، إلى ارتفاع أسعار الأسمدة في جميع أنحاء العالم، لكن كل هذا قد يكون مقدمة لأمر أسوأ بكثير:
ـ مجاعة عالمية.
لكن هذا أيضا قد يتحول إلى حجة قوية للعمل على أسس أمنية، فآخر ارتفاع في أسعار المواد الغذائية العالمية أدى إلى اضطرابات شعبية تسببت في “الربيع العربي”، الذي أدى بدوره إلى اضطرابات وصراعات في شتى أنحاء الشرق الأوسط، استمرت حتى يومنا هذا.
روسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم. ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم. وتعمل مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي والبحث عن مصادر أخرى، بما في ذلك الهند، ولكن إذا انخفضت الإمدادات الروسية والأوكرانية، فإن سعر الحبوب سيرتفع.
ما سيؤدي إلى خطر “أزمة غذاء هائلة وفورية” حول العالم. وهو ما حذرت منه منظمة أوكسفام البريطانية من أزمة جوع في شرق أفريقيا تؤثر على 28 مليون شخص.
هناك قلق آخر، وربما أكبر، فروسيا تعد أكبر مصدر للأسمدة في العالم. وقد ارتفع سعر الأسمدة ثلاثة أضعاف في الأشهر الأخيرة. وسيؤثر هذا على أسعار المواد الغذائية في كل مكان. وإذا كانت زيادات الأسعار نذير نقص فعلي في الأسمدة، فإن إنتاج المحاصيل سينخفض حتما. والمزارعون في البلدان الأقل نموا هم من سيعانون أكثر من غيرهم. هكذا تحدث المجاعات.
هكذا “تحدث المجاعات” فماذا عن المجاعات التي حدثت فعلاً كما حال سوريا؟
أكثر من ذلك ماذا سيكون عليه حال الناس إن تضافرت المجاعات من الانتهاكات الجسيمة التي تواجهها شعوب مثل الشعب السوري، وليس تقرير الـ “الغارديان” المتصل بمجزرة “التضامن” سوى لقطة عابرة في أرشيف الاننتهاكات بحيث تحولت البلد إلى مقبرة؟
ـ استعدوا للمجاعة.. حسنًا.
لقد أخذنا كامل استعدادتنا فنحن “نجوع.. نجوع ونقتل”.