الإهانات الروسية لبشار الأسد: سلسلة من التنازلات المُذلة
مرصد مينا
مرت السنوات التي سبقت سقوط بشار الأسد بعدد من الإهانات المتتالية من قبل روسيا، وهي الإهانات التي تقبلها الرئيس المخلوع بارتياح، كما وصف هو نفسه.
هذه الإهانات لم تكن مجرد أفعال عابرة، بل كانت ثمناً لتنازلاته العديدة في مقابل دعمه العسكري الذي كان يحصل عليه من موسكو. فقد قبل الأسد هذه الإهانات متخلياً عن سيادة بلاده، مقابل أن يظل في منصبه ويواصل حكمه في ظل الدعم العسكري الروسي الذي ساعده في قمع الثوار السوريين.
إخلاء الأسد من قاعدة حميميم: أحد أوجه الإهانة الكبرى
في البيان الذي نُسب إلى بشار الأسد في 16 ديسمبر الجاري ، وتحدَّث فيه عن ظروف فراره من البلاد، وردت إحدى الإهانات الجلية التي تعرض لها من روسيا. حيث أشار الأسد إلى أن موسكو طلبت من القيادة العسكرية في قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري إخلاءه بشكل فوري وتوفير تأمين لنقله إلى روسيا في 8 ديسمبر هذا الشهر.
هذه الإهانة تحمل دلالة كبيرة على أن الأسد لم يطلب بنفسه المغادرة، بل كانت هي رغبة الروس الذين قرروا تأمين خروجه في آخر لحظات سقوطه.
كما تكشف هذه الإهانة عن درجة التبعية التي وصل إليها الأسد في علاقته مع موسكو، حيث كان يتقبل قرارات حليفه الروسي دون أي اعتراض.
إهانة المنع من التحرك
من الإهانات العلنية الشهيرة التي تعرض لها بشار الأسد كانت في ديسمبر 2017، عندما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة إلى قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية.
خلال الزيارة، سار الرئيس الروسي أمام الأسد، وحاول الأخير اللحاق به، إلا أن ضابطاً روسياً منعه من التقدم عن طريق وضع يده على ذراع الأسد. لم يكن أمام الأسد سوى قبول هذا التصرف، حيث أومأ برأسه موافقاً بكل رضا على هذا الإجراء.
هذه الحادثة تكشف عن مقدار الضعف والتبعية التي أظهرها الأسد تجاه روسيا، حيث كان من الواضح أنه ليس لديه القدرة على اتخاذ قراراته الخاصة في حضور القادة الروس.
إهانة في قصر الأسد
في يونيو 2016، شهد بشار الأسد إهانة جديدة عندما فوجئ بزيارة مفاجئة من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي وصل إلى باب قصره دون أن يُخبره أحد عن الزيارة مسبقاً. حيث أظهر الأسد مفاجأته في مقطع فيديو، قائلاً: “لم أكن أعرف أنكم ستأتون شخصياً!”، مما كشف عن غياب التنسيق الكامل بين الأسد وحليفه الروسي، وهو أمر أثار استغراب المتابعين واعتبره كثيرون إهانة أخرى لكرامة الأسد.
هذه الزيارة تضاف إلى سلسلة من الإهانات التي عاشها الأسد، حيث يبدو أنه كان في أغلب الأحيان خارج دائرة اتخاذ القرارات أو حتى العلم بمسائل مهمة تخص بلاده.
لقاء سوتشي: إهانة دبلوماسية أخرى للأسد
في نوفمبر 2017، كان هناك مشهد آخر أثار الكثير من الجدل والسخرية، حيث التقى بشار الأسد في مدينة سوتشي الروسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
خلال هذا اللقاء، ظهر الأسد وهو يحتضن بوتين في وضعية بدت غير دبلوماسية وغير لائقة.
المعانقة كانت مبالغة واضحة في التعبير عن “الود” بين الرئيسين، وهو ما وصفه العديد من المراقبين بأنه “مذل” للأسد.
بعض الصحفيين العرب ذهبوا إلى وصف المشهد بأنه كان بمثابة صورة “أب يحتضن ابنه المذعور”، مما يعكس الحالة المتدنية التي وصل إليها الأسد في علاقته مع موسكو.
نقل الأسد إلى موسكو على متن طائرة شحن
من بين الإهانات الأخرى التي تعرض لها الرئيس المخلوع بشار الأسد كانت حادثة نقله إلى موسكو في عام 2017، عندما تم “شحنه” على متن طائرة شحن روسية، وهي واقعة صدمت الكثيرين.
هذا النقل تم من مطار القاعدة الجوية الروسية قرب مدينة جلبة الساحلية، وقد تم تداوله في وسائل الإعلام الروسية والعربية.
نقل الأسد على متن طائرة شحن هو إهانة واضحة لكامل النظام السوري السابق، حيث يكشف عن حقيقة وضع الأسد الذي كان في حالة تبعية شديدة.
لم تقم وسائل إعلام الأسد حينها بنفي هذه الواقعة، مما جعلها أكثر مصداقية وفضحت عمق الخضوع الذي عاشه الأسد تحت السيطرة الروسية.
في النهاية، لا يمكن تجاهل التنازلات التي قدمها بشار الأسد لروسيا طوال سنوات حكمه، حيث أصبحت هذه التنازلات جزءاً أساسياً من حياته اليومية.
ورغم محاولاته المستمرة للحفاظ على سلطته، سقط النظام في غضون أيام معدودة على يد المعارضة، بعد 14 عاماً من الحرب، بدأت بثورة شعبية ضد حكمه.
ولإنقاذ نفسه، لجأ الأسد إلى دعم حزب الله وإيران وميليشياتها، قبل أن يطلب التدخل الروسي في سبتمبر 2015 كحل طارئ. وقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سابقاً حول هذا التدخل:”لو تأخرنا أسبوعين فقط، لكان نظام الأسد قد سقط”.