الاستثمار في المسيرات “تغريدة وليد بك”
ربما كان التعليق الأكثر تعبيرًا عن حال مايرمي اليه “حزب الله” من توريط للبنان في حرب يمكن معرفة بداياتها ويستعصي التنبؤ بنهاياتها، هي تغريدة وليد جنبلاط التي لاتخلو من التهكم والسخرية، وهما سمة من سمات وليد جنبلاط “أقترح توظيف أموال المودعين في قطاع الطائرات المسيّرة المصنوعة محلياً أو الصواريخ أو المتفجرات ففيها مردود أفضل”.
التغريدة جاءت ما بعد إعلان حزب الله عن إطلاق مسيرته “حسّان” فوق الشمال الاسرائيلي.
الحكومة اللبنانية لم تنطق، ولم تعلّق، ورئيس الجمهورية بلع لسانه، أما عن نبيه بري فلو نطق فلن ينطق خارج تعليمات حزب الله، واللبنانيون الذين ذاقوا مرارة الحرب، يعرفون بالتمام والكمال، أن المسيرة إياها، لم تكن لتحقيق “توازن رعب” مع إسرائيل بقدر ماهي رسالة إلى اللبنانيين.. اللبنانيون وحدهم، ومفادها:
ـ نحن هنا باقون، ومن لم يعجبه فليبلط البحر.
متى جاءت رسالة حزب الله؟
أولاّ على عتبة الانتخابات النيابية، وثانيًا في الاستعصاء القاتل لحل معضلة المصارف، وفي كل الاحوال في مرحلة بات فيها لبنان أشد جوعًا من الصومال، يوم كان الصومال متهمًا بالمجاعة.
ردود الفعل اللبنانية جاءت من “السابقين” كالرئيس السابق ميشال سليمان، وقد كتب تحت عنوان (صنع في لبنان)، “وفي ظل تعثر صناعة الأمل ولقمة العيش والطاقة الأصلية والبديلة، تزدهر في الوطن المأزوم صناعة المسيّرات والصواريخ الدقيقة والكبتاغون والنفايات الأزلية والضرائب وطباعة الليرة الممنوعة عن الناس والضرائب وقوانين المسخ الانتخابية… وكل ما يسرع الارتطام بقعر ما بعد القعر”.
وأضاف: “مع هذا وفي ظل التخبط ما بين السياسة والقضاء والملاحقات الملتبسة والترسيم تحت الماء، تبرز في اليوم السابع نقطة ضوء تذكيرية تجسدت في الملاحقات القضائية التي أطلقها وزير الداخلية بحق الناشطين البحرينيين الممانعين لتحييد لبنان بدعم فريق داخلي يتوسل زجه في آتون صراعات المحاور تحت عنوان الحريات”.
ربما كتب ميشال سليمان ذلك بوصفه “الرئيس السابق”، وربما لو لم يكن يحظى بصفة “السابق” لما تجرأ أن يكتب ماكتب وبنادق حزب الله ومفخخاته تطال من ترغب بأن تطاله، ومثله فعل “الجنرال السابق” جورج نادر، المرشح للانتخابات على قوائم المعارضة، أن “الدولة سقطت وهناك حالة انحلال ولا مبالاة”. وسأل أمين عام “حزب الله”: “ما هو موقفكم من ترسيم الحدود ومن الصفقة على حساب لبنان ومن يحمي لبنان واللبنانيين من الجوع والعوز؟” ورأى، في حديث إذاعي، أن الحزب “يشد عصب جمهوره في عملية إرسال المسيّرات إلى إسرائيل”.
من غير صف “السابقين” كان صوت النائب عماد واكيم، قد ارتفع عبر حسابه في “تويتر”، ومع الصوت كانت صورة لأمين عام “حزب الله” كُتب عليها: “كما الطائرات كذلك نصرالله… مسيّر من إيران”، وعلق بالقول: “قصتنا في لبنان مع الطائرات المسيّرة”، في إشارة إلى أن قرار نصرالله بتطيير المسيّرات باتجاه إسرائيل هو قرار إيراني.
ووصف زميله في الكتلة النائب وهبي قاطيشا، مسيرات “حزب الله” بأنها “ألعاب بالمعنى الاستراتيجي”، ورأى أن “موازنة الردع مع إسرائيل بواسطة مسيرات (حزب الله) أكذوبة لا يقبضها إلا البسطاء”.
بعد تعليقات “السابقين”، والراهنين، يبقى السؤال:
ـ ماجدوى مسيرات حزب الله؟
لنقل أنها تمثل تهديدًا لاسرائيل، ولكن أليس اشعال فتيل الحرب يعني دمارًا للبنان، ومَن مِن اللبنانيين، سيقبل بالحرب ويهلل لها سوى مجموعة الأكفان، اولئك المضادين للحياة؟
“حزب” يقرر مصير الكل، دون أن يسأل عن إرادة الكل، وخيارات الكل” ومصير “الكل” لييشتغل على تفجير حرب، “الكل” خاسر فيها باستثنائه الرابح الوحيد، باعتباره مستثمرًا في الحروب؟
بلد يختطف، ومصائر تختطف، وكل التجارب السابقة من الحروب لم تنتج سوى:
ـ الدمار، الفاقة، الإذلال، و:
ـ الهزائم.
وبوسع حزب الله أن يحكي عن “النصر الإلهي” وأي نصر يوم دمرت الضاحية، وقضى آلاف الشبان تحت الأنقاض، وتحولت حياة بيروت إلى جحيم.
نعود إلى تغريدة وليد جنبلاط:
ـ أقترح توظيف أموال المودعين في قطاع الطائرات المسيّرة المصنوعة محلياً أو الصواريخ أو المتفجرات ففيها مردود أفضل.