الجزائر.. ثورة على صفيح الفقر الساخن والعجز الحكومي
مرصد مينا – هيئة التحرير
“انفجار شعبي جديد”، توصيف يطلقه مصدر جزائري خاص لـ”مرصد مينا”، حول نظرته إلى مستقبل الجزائر، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في البلاد، وسوء الأوضاع الاقتصادية، على الرغم من مرور أشهر على تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب الرئيس الجديد، مرجحاً أن تكون الانتفاضة الشعبية القادمة في البلاد أشد من تلك، التي أطاحت بالرئيس السابق، “عبد العزيز بوتفليقة”.
وكان صندوق النقد الدولي، قد توقع في دراسة له، أن ترتفع نسبة البطالة في الجزائر خلال العام 2002، إلى 13.3 في المئة، في حين أشارت تقارير جزائرية إلى أن نسب البطالة قد تصل فعلياً إلى 30 في المئة.
جيوب المواطن وخيارات الحكومة
تصاعد التوقعات بحدوث موجة احتجاجات شعبية، يربطها المصدر في عدة نقاط، أولها توجه الحكومة إلى النمط التقليدي في تسديد عجز الميزانية، من خلال الضرائب وجيوب المواطنين، كحل سريع لتلافي الضائقة الحكومية، وهو ما يرى فيه إشعال لفتيل الاحتجاجات، خاصةً وأن النظام الجديد النظام الجديد يعاني سلفاً من رفض شعبي مسبق، على اعتبار أن الرئيس “عبد المجيد تبون”، يمثل أحد أركان النظام السابق.
وكانت الحكومة الجزائرية قد توقعت عجزاً في الميزانية يصل إلى 12 مليار دولار أمريكي، ما دفعها إلى تقليص نفقات تسيير الدولة من 30 إلى 50 في المئة، خاصة مع تداعيات انهيار أسعار النفط، الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيس للبلاد.
من جهته، يذهب المحلل السياسي، “صابر بليدي” إلى أن الحكومة الجزائرية توجهت منذ تشكيلها نحو المزيد من إجراءات التقشف، لمجابهة الأعباء المالية، وهو ما سيتحمل المواطن الجزائري مسؤوليته على شكل رسوم وضرائب جديدة، في حين أن مسألة الأموال المنهوبة من سياسيي ومسؤولي النظام السابق، لا تزال مجهولة المصير، على حد قوله، وهو ما سيزيد من حالة الغضب الشعبي في الشارع تجاه السلطة الحاكمة.
وكانت الإحصائيات الحكومية قد قدرت حجم الأموال المنهوبة في الجزائر بـ 200 مليار دولار،كان مسؤولي النظام السابق قد استولوا عليها، في حين رأىالخبير الاقتصادي، “عبد الحميد علوان” أن عملية استرجاع الأموال قد تمتد إلى 10 سنوات قادمة.
ما تحت الحد الأدنى للأجور
انعكاسات الأزمة الاقتصادية على المواطن العادي، سرعان ما ظهرت على شكل انخفاض القوة الشرائية للمواطن الجزائري، حيث يشير المصدر الخاص، إلى أن الفترة الماضية، شهدت تراجعاً كبيراً في معدلات الانفاق اليومي للمواطن الجزائري، لا سيما وأنها ارتبطت بإجراءات الحد من انتشار وباء كورونا، لافتاً إلى أن هذه المسألة واحدة من أهم الأمور، التي قد تسرع أيضاً من وتيرة التصعيد في الشارع.
في السياق ذاته، يؤكد المصدر أن ملايين الشباب في المناطق المهمشة، في محيط كافة أنحاء البلاد، تحولوا إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، بسبب ما تعانيه هذه الطبقة من اوضاع معيشية سيئة، وطروف قاسية، مشدداً إلى أن هذه المناطق لا تزال بعيدة تماماً عن الاهتمام الحكومي، وبالتالي فإنها قد تلعب دور كبير في تحريك هذه الاحتجاجات.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أحصت خلال الفترة الماضية، وجود 15 ألف ضاحية ومنطقة مهمشة في الجزائر، أو ما يطلق عليه اسم “مناطق الظل”، لافتةً إلى أن ما يقارب 9 ملايين شخص يعيشون في تلك المناطق، في مؤشرٍ على توسع دائرة الفقر لتشكل ربع التعداد السكاني على الأقل.
كما يشدد المصدر على أن الاحتجاجات، التي شهدتها البلاد العام الماضي، كانت مدفوعة بحسابات ومطالب سياسية ممزوجة بمطالب اقتصادية، أما الانتفاضة المتوقعة في حال اندلعت فإنها ستكون عملياً ثورة جياع، الأمر الذي سيكسبها زخماً وتوتراً أكبر من سابقتها.
من جهته، يربط القيادي في حزب العمال الجزائري، “رمضان تعزيبت” تراجع القدرة الشرائية بتدني الأجور عموماً في الجزائر، كاشفاً أن بيانات الديوان الوطني للإحصاء، تحدد خط الفقر بأقل من 50 إلى 60 ألف دينار شهرياً، في حين أن 60 في المئة من العمال والموظفين يتقاضون أقل من 30 ألف دينار شهرياً، إلى جانب وجود مئات آلاف العمال يتقاضون أقل من 18 لف دينار شهرياً، وفقاً لما نقله موقع العربي الجديد.
وكانت الجزائر قد شهدت بداية العام الماضي، احتجاجات شعبية رافضة لترشيح الرئيس السابق، “عبد العزيز بوتفليقة”، لولاية خامسة، ما أدى إلى استقالته وتولي سلطة انتقالية إدارة البلاد، حتى نهاية العام 2019، حيث تم انتخاب “عبد العزيز تبون” رئيساً جديداً للبلاد، وسط معارضة الحراك الشعبي، الذي وصفه بإعادة انتاج للنظام السابق.