الجزائريون.. وصراع اللغة
لكل بلد خصوصية، في استقبال التغيرات الإقليمية وطريقة التعبير عنها، وتبقى الحرب الثقافية من أعتى أنواع الحروب التي تؤثر على البنية الفكرية للمجتمع.
تحررت الجزائر من سطوة الاستعمار الذي عَمِد إلى فرنسة كل شي حتى الهواء الجزائري، ليُبقي باب القارة السمراء مفتوحاً على مصراعية جغرافياً عبر المتوسط، وفكرياً عبر الفرانكفوريين؛ وهؤلاء هم فئة من الشعب الجزائري تتعلم الفرنسية في الكنائس التابعة للمجلس الفرانكفورني الفرنسي، ولهم ولاءات للدولة الفرنسية باعتبارها قوة عظمى، وعلاوةً على ذلك فإن المنظمة الدولية الفرانكفونية ترفض إدراج الجزائر كعضو فيها، بالرغم من كون الجزائر ثاني دولة تتكلم الفرنسية بعد فرنسا نفسها، باعتراف المجلس الفرانكفوني.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد قيراط:”بعد أربعة عقود من استقلالها مازالت الجزائر تعاني من صراع خفي لكنه حاد بين الفرانكفونيين والمعربين، وبدلا من استغلال ازدواجية لغوية يتعذر وجودها في الكثير من الدول النامية نجد الجزائر تعاني من مشاكل كثيرة من جراء هذه الازدواجية”.
ويشرح الدكتور قيراط الوضع قائلاً: “في عهد الرئيس بوتفليقة اصبحت اللغة الفرنسية في الجزائر تسري في الشارع وتسيطر على الخطاب السياسي والاعلامي وحتى المعرب، واصبح الجميع يتفنن في النطق والكلام بلغة فولتير وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة، فباعتلاء سدة الحكم فتح الرئيس بوتفليقة الباب على مصراعيه لتسلل التيار الفرانكفوني الى مقاليد الحكم والسلطة، وعادت المراكز الثقافية الفرنسية لتفتح ابوابها وفتحت المدرسة الفرنسية بالجزائر وعاد الكلام عن جامعة فرنسية بالجزائر، ناهيك عن العلاقة الحميمة بين معظم الصحف الناطقة بالفرنسية وفرنسا”.
والمنظمة الدولية للفرانكفونية الراعية للفرانكفونيين في العالم هي؛ منظمة دولية للدول الناطقة باللغة الفرنسية (كلغة رسمية أو لغة منتشرة)وتضم المنظمة مايقارب الـ 80 بلد وحكومة، 57 عضواً و23 مراقباً.
وفي بداية الحراك الجزائري الذي أطاح بالرئيس “بوتفليقة” قبل أشهر، بدأت حركة شعبية جماهيرية ثقافية تطالب بإحلال اللغة الإنكليزية مكان الفرنسية، كون الفرنسية مرتبطة بالاحتلال الفرنسي للجزائر، ويقول العديد من الشبان الذين نزلوا إلى الشوارع حاملين هذا المطلب:”اللغة الفرنسية هي من مخلفات الاستعمار الفرنسي، وأكبر دليل على ذلك استمرار ارتباط الجزائر بباريس كعاصمة لصناعة القرار السياسي الجزائري”.
وفي لقاء أجراه مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع عدد من الشباب الجزائري، كانت هناك ردود فعل قوية اتجاه نبذ الفرنسية كلغة منتشرة في البلاد، ومطالبة قوية باستبدلها باللغة الإنكليزية.
وقال محمد الهاملي:”لا ثلث ولا ربع.. الجزائر طلقتك يا فرنسا طلاقا بائنا لا رجوع فيه” في غشارة إلى إحصائية للمجلس الفرانكفوني يقول فيها أن ثلث الشعب الجزائري يتكلمون باللغة الفرنسية.
بينما وصف ربيع عبد القادر اللغة الفرنسية على أنها:”فلول للاستعمار الفرنسي في البلاد”.
وكان هناك من يرى في اللغة مجالاً للعلم فقط، فقالت نور في حديثها للمرصد:”أتقن العربية و أحب الأمازيغية و أطالع الفيزياء بالإنجليزية وتعجبني الإسبانية والألمانية و تحيا الجزائر مستقلة ومستقلة ومستقلة”.
ويرى الصحفي عبد القادر مسعود في الحراك الشعبي:” الحراك الشعبي خرج من أجل إنهاء الوصاية الفرنسية على الجزائر، وهذا القرار من شأنه أن يقوض من نفوذ فرنسا ويقطع الطريق أمام تابعيها بالجزائر، ولطالما رفع المتظاهرون لافتات وشعارات ضد فرنسا وضد لغتها فبالتالي هذا القرار جاء ليرافق مطالب الحراك الثورية ضد المصالح الفرنسية” ويرى مسعود في الإنلكيزية لغة العصر العلمية.
ودعا قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، إلى تطهير البلد ممن أسماهم “عبدة الاستعمار وأصنامه”، وفاء لشهداء ثورة التحرير 1954- 1962، الكلام الذي يفهم منه توجيه تحذير لمن يسمون بجماعات الضغط المنتشرة في أجهزة الدولة والمحسوبة على فرنسا.
فيما ترى فرنسا من انتشار لغتها عاملاً ثقافياً هاماً لاستمرار تمددها وفتح أبواب كبيرة لمصالحها في بلدان العالم الختلفة.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي