“الجمهور القاتل” ذاك الذي لا يُرى

مرصد مينا
أطلق الروائي السوري نبيل الملحم، كتاباً جديدا بعنوان “الجمهور القاتل”، وهو دراسة ترصد التحولات التي تطرأ على الجمهور حين يتحوّل من كيان متفرج، إلى قوّة فاعلة في إنتاج العنف وتبريره
يتناول في كتابه جذور الظاهرة في التاريخ السياسي والاجتماعي، محللاً كيف يمكن للخطاب الجماهيري، والشحن العاطفي، وآليات الحشد الإعلامي، أن تدفع مجموعات من الناس للتحول إلى أدوات قتل رمزي أو مادي، سواء في ساحات السياسة أو الحروب أو حتى في فضاءات التواصل الاجتماعي.
لم يكتف المؤلف بالاستناد إلى علم السياسة والاجتماع، بل نقّب في المنتجات الأدبية من رواية ومسرح وسينما، مستحضراً نماذج وشخصيات كشفت انعكاس الجمهور القاتل في الخيال الإبداعي، ومحللاً كيف أعاد الأدب والفن صياغة هذه الظاهرة في صور سردية وبصرية مؤثرة.
كُتب البحث بروح الرواية القائمة على التداعي الحر، ما يمنحه سلاسة في الانتقال بين التحليل التاريخي والنفسي، وبين الأمثلة الواقعية والتأملات الأدبية، ليقدّم نصاً مفتوحاً على أكثر من قراءة.
يأمل الكاتب (في الإهداء) أن يفتح هذا العمل نقاشاً أوسع حول علاقة الجمهور بالسلطة والعنف، ودوره في صناعة أو مقاومة الجرائم الجماعية، مؤكداً أن فهم هذه العلاقة يمثل خطوة أساسية نحو بناء وعي جماعي يحصن المجتمعات من الانزلاق إلى هاويات جديدة.
جاء في الإهداء.. إلى الضمير:
الذي ظلّ يهمس في الزوايا المظلمة، حتى حين غرقنا جميعًا في التصفيق.. الغريب الذي لا يُرى في الحشود، لكنه الوحيد الذي بقي مستيقظاً.
ـ لا يفاوض، ولا يصفّق، ولا يخون نفسه.
إن كان ما زال حيًّا، فليقرأ هذه الصفحات ويشهد عمّا دفناه بأيدينا ثم بكينا عليه.
وفي كلمة الغلاف الأخير:
هنا تبدأ حكاية “الجمهور القاتل”، ففي كل دكتاتور يسكن الطغيان، ويسكن الطاغية “جمهور”.. لا يقوم الشيطان وحده بأعماله، هناك دائمًا مَن يُمهّد له الطريق، ومَن ينفّذ، ومَن يصفّق، ومَن يضحك، لكن هناك طبقة أكثر خطورة: أولئك الذين يصمتون.. شهود الظل.
هؤلاء لا يُمسكون السلاح، لا يُصدرون الأوامر، ولا يُلقون الخُطب، بل يكتبونها، ينسخونها، يسهرون على إخراجها بلا أخطاء.