الجنوب السوري.. خفايا الصراع الروسي – الإيراني
مرصد مينا – هيئة التحرير
في تطور هو الأول من نوعه، وبعد مرور أكثر من عامين منذ يوليو/تموز من العام 2018 على ما سمي بـ”صفقة الجنوب السوري”، التي أبرمتها روسيا مع فصائل المعارضة وقضت بتسليم الأسلحة الثقيلة وعودة النظام السوري “جزئياً” إلى محافظتي درعا والقنيطرة، تعرضت أمس الخميس دورية عسكرية روسية لهجوم بعبوة ناسفة، استهدف مدرعة على طريق السهوة – المسيفرة شرقي محافظة درعا.
استهداف الدورية الروسية أدى لتضرر الآلية دون وقوع أية إصابات في صفوف الجنود الروس، وذلك خلال تنفيذ الشرطة العسكرية لدورية أمنية مشتركة مع دورية أخرى تابعة لقوات النظام، وفقاً لما أعلنه نائب رئيس مركز المصالحة الروسي التابع لوزارة الدفاع الروسية، العميد “ألكسندر غرينكيفيتش”.
الرابعة وميليشيات ايران..
وأكدت مصادر خاصة لـ”مرصد مينا” أن قوات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد زادت الحواجز وعناصرها في المنطقة المحيطة في مدينة درعا تزامناً مع استهداف الدورية”، لافتاً إلى أن “الحواجز الأمنية في محيط المنطقة بدأت بتشديد إجراءات الدخول والخروج من وإلى المنطقة ونفذت حملات دهم واعتقالات في صفوف عناصر المعارضة السابقين، الذين عقدوا تسويات أمنية مع النظام خلال السنوات الأخيرة.”
ونفذت قوات الفرقة الرابعة مداهمات واعتقالات في بلدة الكرك الشرقي في ريف درعا، بحضور القوات المحلية التابعة للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، بحثاً عن مطلوبين ضربوا حاجزاً للمخابرات الجويّة وقتلوا ستة عناصر وضابطاً برتبة مقدم، كما أسر 5 عناصر آخرين، في عملية مفاجئة، رداً على تهديد قوات النظام السوري اقتحام درعا البلد.
إلى جانب ذلك، أكدت مصادر “مينا”، أن “استهداف الدورية الروسية جاء بعد التطمينات التي قدمتها القيادة الروسية الجديدة التي تسلمت إدارة المنطقة خلال الأسبوع الفائت، بإن إدارة المنطقة كاملة ستعود لأبنائها بعد إخراج الإيرانيين من كامل الجنوب السوري”.
وأشارت المصادر إلى أن “السبب في تغيير القيادات الروسية هو تزايد تمدد القوات العسكرية المدعومة من إيران الممثلة بالفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، وعدم قدرتها على وقف انتشار الميليشيات الإيرانية وأذرعها في ريف درعا الغربي والقنيطرة”.
التسوية والصراع الروسي الإيراني ..
سيطرت قوات النظام السوري مدعومة بسلاح الجو الروسي على المنطقة الجنوبية، بعد فرض “تسوية” على الراغبين بالبقاء في الجنوب السوري، في آب 2018.
وقضى اتفاق “التسوية” ببقاء الراغبين من مقاتلي الفصائل داخل المحافظة، وخروج الرافضين إلى إدلب، إضافة إلى عدد من البنود، كان أهمها إخراج المعتقلين من السجون، وعدم ملاحقة المطلوبين بعد “تسوية” أوضاعهم، إلى جانب إزالة القبضة الأمنية عن السكان، وطرد “القوات غير السورية”، في إشارة لميليشيات موالية لإيران، من المناطق الحدودية المتاخمة للأردن وخط فك الاشتباك في مرتفعات الجولان، إلا أن معظم الشروط لم تنفذ من قبل النظام، مما أبقى الوضع متوترا في الجنوب.
الصراع بين روسيا وإيران بدأ على مناطق النفوذ في الجنوب السوري، عقب اتفاقيات التسوية قبل بضعة أعوام عندما وافقت فصائل المعارضة على تسليم مناطق سيطرتها في درعا إلى النظام، مقابل تسوية أوضاع عناصرها، وذهاب من يرفض التسوية إلى منطقة إدلب شمالي البلاد.
وأكد مصادر مطلعة في وقت سابق لـ”مرصد مينا” أنه “منذ أيار/مايو الفائت، منع الروس محاولات من قبل قوات النظام لاقتحام المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية لعام 2018 كالريف الغربي وكناكر في ريف دمشق الجنوبي الغربي والحراك ودرعا البلد، وذلك بعد تواصل اللجان المركزية مع القيادة الروسية وإرسال ضباط روس لمتابعة الأمور”.
التواجد الإيراني في جنوب سوريا “درعا والقنيطرة” بدأ بالتراجع نتيجة ضغوطاتٍ مارستها الشرطة الروسية والقوات المحلية المؤيدة لها على الميليشيات المحسوبة على طهران والمدعّومة منها، اذ تم منع ” المجموعات المدعومة من طهران بالتمركز في أماكن جديدة بالمنطقة وفصل نقاط انتشارها عن بعضها البعض جغرافياً من خلال تمركز حواجزٍ للفيلق الخامس بينها.
بينما تشير مصادر “مينا”، أن “التواجد الإيراني على الحدود مع اسرائيل هو المعضلة الكبرى، وتحاول موسكو الحدّ من نفوذ طهران والجماعات المدعومة منها في تلك المناطق كي لا تتحول إلى ساحة صراعٍ إسرائيلي ـ إيراني مباشر”. مؤكداً أن “تلك المجموعات بدأت تضعف خلال الفترة السابقة”.
أرقام وإحصائيات..
وتشهد محافظة درعا منذ تلك التسوية تظاهرات، محدودة، ولكنها مستمرة ضد نظام الأسد وعشرات الهجمات الاغتيالات شهريا، والتي تطال مقاتلين سابقين في الجيش الحر بعضهم التحق بقوات النظام السوري بعد التسوية أو عناصر موالية للنظام، وذلك عن طريق العبوات الناسفة، أو إطلاق النار المباشر، أو الخطف والإعدام الميداني.
وفقاً لمصادر حقوقية بلغ عدد الهجمات والاغتيالات منذ يونيو/حزيران 2019 ، 757 هجوم واغتيال، فيما وصل عدد الذين قتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 497، منهم 138 مدنيًا بينهم 12 مواطنة، و15 طفلاً.
وشهد شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، ارتفاعا حادا في عمليات ومحاولات الاغتيال في محافظة درعا، حيث وثق مكتب توثيق الشهداء في درعا: 41 عملية ومحاولة اغتيال، أدت إلى مقتل 33 شخصا وإصابة 6 آخرين و نجى 2 من محاولة اغتيالهما. علما أن هذه الإحصائية لا تتضمن الهجمات التي تعرضت لها حواجز وأرتال قوات النظام.
وفي أبرز ما وثق، طالت عمليات الاغتيال سبعة رؤساء بلديات تابعة لنظام الاسد، كان أخرها رئيس مجلس مدينة الصنمين بريف درعا “عبد السلام الهيمد”، كما أُصيب أمين الفرقة الحزبية “محمد دياب” بعد إطلاق النار عليهما من قبل مجهولين.
كما اغتال مجهولون منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت القيادي السابق في الجيش الحر وعضو اللجنة المركزية في درعا “أدهم الكراد” الملقب بـ”أبو قصي”، كما قُتل في عملية الاغتيال أربعة أشخاص من قيادات الجيش الحر سابقا كانوا برفقته.
يذكر أن المناطق في الجنوب السوري كانت تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة قبل أن تعقد مصالحاتٍ مع حكومة الأسد قبل نحو أكثر من عامين.