الجيش السوداني يحرز انتصاراً استراتيجياً: استعادة القصر الجمهوري مركز السلطة في البلاد

مرصد مينا
بعد ما يقارب العامين من الاشتباكات والقتال العنيف في الخرطوم، تمكن الجيش السوداني صباح الجمعة من استعادة السيطرة على القصر الجمهوري في خطوة وصفها كثيرون بأنها “تاريخية”.
وتحولت هذه المعركة إلى نقطة محورية في الصراع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023، وظلت الأنظار مشدودة نحو القصر الجمهوري، الذي كان يمثل رمزاً للسلطة في السودان.
الجيش يستعيد القصر الجمهوري بعد معركة شرسة
استمرت الاشتباكات العنيفة حول القصر الجمهوري لأربعة أيام متتالية، وشهدت محاور القتال قصفاً مدفعياً عنيفاً وحصاراً محكماً من جميع الاتجاهات.
ووفقا لمصادر عسكرية، تمكنت وحدات الجيش من اختراق الدفاعات حول القصر من خلال محاور متنوعة، بما في ذلك القصف المدفعي وإنزالات جوية عبر محاور خلفية ونفق قديم يعود إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية.
على الرغم من مقاومة قوات الدعم السريع وقيامهم بزرع متفجرات في ممرات القصر، تمكن الجيش السوداني من تدمير القوة المتبقية داخل القصر.
خطة محكمة وحصار متعدد الجوانب
تم تنفيذ الهجوم وفق خطة محكمة دقيقّة، حيث جرى الهجوم على محورين رئيسيين.
الأول كان عبر الشوارع الخلفية التي كانت تحت نيران القناصة، بينما الثاني تم عن طريق نفق قديم استخدمه الجيش في اختراق الدفاعات.
وفي اللحظات الأخيرة من الهجوم، تسللت وحدات من القوات الخاصة عبر المحورين، وهو ما أدى في النهاية إلى انهيار دفاعات قوات الدعم السريع.
ومع اشتداد الضغط العسكري، انسحبت القوات المتمردة إلى مناطق أخرى داخل الخرطوم، بينما أعلن الجيش السيطرة الكاملة على القصر ومنشآته المحيطة.
تفاعل واسع بعد استعادة القصر
فور إعلان الجيش السوداني استعادة القصر الجمهوري، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة من التفاعلات المختلفة.
على الصفحات المؤيدة للجيش، انتشرت صور ومقاطع فيديو للجنود وهم يحتفلون داخل القصر، فيما عبر البعض عن فرحتهم بانتصار الجيش الذي اعتبروه خطوة كبيرة نحو استعادة النظام.
ومع ذلك، حذر العديد من المحللين من تصعيد محتمل في المعارك، خاصة مع انسحاب قوات الدعم السريع إلى مواقع استراتيجية أخرى في العاصمة.
القصر الجمهوري: شاهد على تاريخ السودان
القصر الجمهوري كان أكثر من مجرد مقر للحكم في السودان. إنه بمثابة شاهد على تاريخ طويل من التغييرات السياسية والانقلابات العسكرية في البلاد.
تأسس القصر في عام 1826 من قبل العثمانيين، وكان بمثابة نقطة سيطرة استراتيجية في السودان منذ ذلك الحين.
مرّ القصر بعدد من المراحل التاريخية الهامة، حيث كان مقراً للحكومة خلال الاستعمار البريطاني بعد سقوط الدولة المهدية، قبل أن يصبح مقراً للسلطة بعد الاستقلال في عام 1956.
ومع ذلك، لم يكن القصر مجرد مكان للاحتفالات والمراسم. كان موقعاً للعديد من الأحداث الدموية في تاريخ السودان، بما في ذلك الانقلابات العسكرية في السبعينات والثمانينات. في يوليو 1971، أصبح القصر مقراً للحبس بعد محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس جعفر نميري.
تحفة معمارية تتحول إلى ساحة معركة
في عام 2015، تم افتتاح القصر الجمهوري الجديد بتصميم حديث بتمويل صيني، وكان من المفترض أن يكون المقر الرسمي للرئاسة السودانية.
ومع ذلك، ما لبثت الحرب أن دمرت هذا الصرح المعماري الجميل، وتحولت قاعاته إلى ساحة للمعارك. استبدلت الخرائط السياسية بخطط عسكرية للاقتحام، في مشهد مأساوي يعكس التحولات العميقة في الدولة السودانية.
هل تغير مسار الحرب
على الرغم من أن استعادة الجيش السوداني للقصر الجمهوري تمثل انتصاراً استراتيجياً، يظل السؤال قائماً حول ما إذا كان هذا الحدث سيشكل نقطة تحول حقيقية في مسار الحرب.
يستمر الصراع بشكل عنيف في العديد من المناطق، مع غياب أي أفق واضح للحل أو تسوية سياسية.
وبينما يرى البعض أن استعادة القصر يمكن أن تكون خطوة نحو استعادة السيطرة على الخرطوم، يحذر آخرون من أن النزاع قد يمتد لفترة أطول دون أن تنتهي تداعياته على البلاد قريباً.