الدروبي: ربيب تركيا الذي أدبه السوريين
كم من الوقت انقضى منذ ان اكتشف السوريون توؤمة الفقر والغنى التي ترفع أناساً، ويذل بها آخرون، لا يوجد دليل يحدد ذلك الوقت، لكنه بات معلوماً أن “الثورة السورية” أظهرت تباينات المجتمع السوري وهو كغيره من المجتمعات العربية المحكومة بالقوة والانعزالية، حتى باتت تنكر ذاتها ولاتعرف خصائصها وصفاتها.
معيشة ضنكا
اجتاحت السوريين موجة كبيرة بين الأخد والرد، بما يتعلق بقرارات الحكومة التركية بترحيل السوريين الغير حاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”، وأجمعت معظم ردود الأفعال على خطورة مثل هذا الإجراء، ووقوعه بمظلومية ضد اللاجئيين، إذ أن السوريين الذين كابدوا المعيشة الضنكا في بلادهم، والغير حاصلين على “الكملك” هم من المهجرين اللذين أكلت الحرب بضعا منهم، بعدما خرجوا من غير وثائق رسمية هرباً من الموت أو الاعتقال، وربما دفع واحدهم كل ما يملك ليصل إلى “فردوس تركيا” ثم ولأسباب أمنية ومالية حرم من جواز سفر وإقامة تحميه من الطرد، أو وثيقة “الكملك” ذات الشروط التعجيزية.
لكن بعض الأصوات الشواذ، نادت بضرورة طرد أبناء جلدتها ووصفتهم بالضيف الثقيل الظل، وهي تحكم على الناس من برجها العاجي في مجمعات اسطنبول الفاخرة، لم ترى يوماً مآسي السوريين في العشوائيات التركية، ولم تعش لحظات القلق المرعب المميت، عندما لم تجد ما تدفع من مستحقات لمالك المنزل، ولم تشعر بالبرد والرجفة يوما.
كتب “ملهم الدروبي” وهو سوري يقيم في اسطنبول، ومالك جامعة رشد الافتراضية، على حسابه في فيس بوك:”استقبلتُ في بيتي ضيفاً وقمتُ بواجبي نحوه فترةً طويلة أعامله كما أبنائي بل أحياناً أفضله عليهم، لكنه للأسف لا يحسن التصرف جهلاً منه أو طمعاً من ذويه، وقد طال العهد وضاقت ذات يدي وهو لا حس ولا ذوق، بماذا تنصحوني أن أفعل؟”
وتابع “الدروبي”: “القصد من المثال لفت الانتباه إلى أزمة محتملة أبطالها كما ذكرت في بوستات سابقة أناس متطرفون من كل الأطراف، لكن وهنا المقصد علينا نحن السوريين أن نلتفت لأخطائنا ونصلحها قبل أن نلقي باللوم على الآخرين”.
وشرح “الدوربي” قصده: “الناس لا تريد ان تتحمل مسؤولية أخطائها، كثير من السوريين في اسطنبول أساؤوا لأنفسهم ولباقي السوريين، علينا ان نصلح الحال، وأول خطوة هو الاعتراف بالخطأ، الأتراك من حقهم ان يفرضوا القوانين فهي بلادهم، ومن مصلحة الجميع تطبيق القوانين، طبعاً يجب ان يكون هناك رحمة ولطف وتخفيف ضرر”.
وخلص “ملهم” إلى أنه “علينا أن نفهم ان الاستمرار بمخالفة الانظمة والقوانين في البلاد التي نعيش فيها ستكون عواقبها وخيمة على الجميع ويجب استدراك الأمر، وأولى خطوات اشتراك الامر الاعتراف بالخطأ”.
خلال ساعات قليلة لقى منشور “الدروبي” صدى واسعا لدى السوريين بآلاف المتفاعلين، بين غاضب ومستهزء ومتابع، إضافة للعديد من الردود عبر حسابات ومنصات التواصل الاجتماعي.
ورصدت “مينا” أبرز الردود على “الدروبي”؛ ومنها يقول “عبد المنعم قشقش “أظنك استضفت هارباً من الموت وجائعاً ولكنك منعته أن يمضي في طريقه كما أمره الله أن يضرب في الأرض الواسعة واستغللته بعمل بربع أجرته ثم ادعيت أنه طماع مجرم ومسيء للادب حتى المساعدات التي أتته افتتحت بها وظائف وسجون لتضعه فيها لتعيده الى جلاديه والى القصف والموت .. فكر فيها، وكن منصفا يا سيد القاضي دعه يعمل او دعه يمر”.
فيما عقب “محمد السيد” بالقول دكتور هذا قياس مع فارق كما اصطلح على تسميته علماء الاصول، الضيوف والمضيفين تضبط علاقتهم اتفاقيات دولية ومنظومة قانونية طالما ان صاحب البيت ليس دولة استبدادية وهكذا نظنها!!
مضيفا “وفي بيتك سيدي إن أتاكم ضيف وضقت ذرعا بهم بتقلعهم تقليع بنص الليل بحريمهم وأطفالهم بدون إمهال أو إنذار أو تمهيد؟؟، أم أنك تقلعهم من البيت بعد ال12 بالليل وبتفيق الصبح وانت تحتسي القهوة مع الجيران تقول ضيوفي صدر البيت الهم والعتبة الي وبقطع من تمي وطعميهم؟؟ ما أظن أن تربية الاستاذ حسن البنا رحمه الله لابنائه هكذا. لا والله!” في إشارة إلى انتماء “الدروبي” إلى الإخوان المسلمين، لكن “الدروبي” رد “ثمان سنوات” وربما قصد أن الضيوف السوريين أصبحوا ثقال الظل.
دمية الحرملك
ومن بين المعقبين، كتب الناشط الحقوقي “ابراهيم طه” على حسابه الشخصي “ملهم الدروبي بعد أن دخلت قصور الأتراك، ومنحوك جنسيتهم، واضح تماما أنك قد أضعت البوصلة، و تخليت عن جلدك، مقابل أن تتمسح للسلطان.. فهل نلت ما أردت في قصور الحرملك والسلاملك؟؟” بينما وصف آخر ومن بينهم “وليد قادو” المنشور بالغير موفق مكاناً وزماناً وكلاماً، بينما رأى البعض ان المنشور “مستفز، ولا أخلاقي”.
فيما كتب عمار حمو وهو صحفي سوري “بس للعلم، ما شرط ترمي ضيفك من الشباك دون إنذار، من حقك تتصرف بالطريقة اللي بتناسب، دون انتهاك حرمة آداب الضيافة، تعطيه وقت، تعطيه إنذار كافي لأنه يضب شنته، ما تحكيله اترك شنتك وأواعيك واطلع لانه بتتحول من مضيف لمنتهك حق.. والأهم لا تقس الناس على وضعك، لو عشت ما عاشوا، لخالفت كما خالفوا”.
لكن صفحة “المنصة” وهي منبر سوري اجتماعي، يتناول الأحداث بأسلوب ساخر لطيف، رأى في الأمر ترويج للجامعة التي يمتلكها “ملهم الدروبي” وهي “جامعة رشد الافتراضية” والتي تشير الأخبار إلى أنها غير معترف عليها رسمياً، وكان تعليق هذه المنصة الاجتماعية هكذا؛ ملهم الدروبي: من دخل جامعتنا فهو آمن من الترحيل.
وأضاف المصدر متهكما “وأعلن ملهم الدروبي مالك جامعة رشد الافتراضية أنه قد تواصل عبر واتسآب مع مسؤول تركي كبير لم يسمه وحصل منه على مسكة شوارب بعدم ترحيل السوريين في حال قاموا بالتسجيل في الجامعة التي ترفع شعار “وأما الزبد فيذهب جفاء..
وأكد السيد الدروبي أن الجامعة ستطلق برنامجاً خاصاً بهذه المناسبة لتدريب السوريين على الحس والذوق، وذلك بعد أن فشلت السلطات التركية بتعليمهما للسوريين وضاقت ذرعاً بهمجيتهم وغبائهم، وستمنح الجامعة المسجلين في البرنامج وثيقة “تأجيل ترحيل” صالحة لمدة عام واحد، وتجدد بتجدد التسجيل في العام التالي مقابل رسم التسجيل السنوي الذي يبلغ 180 دولاراً أمريكياً”.
وتباع المنبر المعروف بين السوريين “عن الاعتراف الأكاديمي بشهادة بكلوريوس الحس والذوق أكد السيد الدروبي أن شهادة هذا البرنامج مثلها مثل باقي شهادات الجامعة غير معترف بها ولاهم يحزنون، وأن الاعتراف ليس مهماً بل المهم هو السمعة الحسنة.
ومن غير المعروف بعد إن كانت وثيقة “تأجيل الترحيل” التي ستمنحها الجامعة ستغني عن “كيملك الائتلاف” الذي أعلن السيد نذير الحكيم إصداره قريباً أم لا”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي