السودانيون يحيون ذكرى ثورة ديسمبر بمواجهات إلكترونية بين أنصار الثورة والنظام السابق
مرصد مينا
في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر 2018، التي أسفرت عن إسقاط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير بعد 30 عاماً من الحكم، شهدت منصات التواصل الاجتماعي السودانية أمس الخميس، جدلاً حاداً بين مؤيدي الثورة وأنصار النظام السابق.
واستمرت الثورة السودانية لمدة تقارب الأربعة أشهر، قبل أن تقوم القوات المسلحة السودانية بإقالة البشير من منصبه، بعد احتجاجات ومظاهرات مدنية.
ومع حلول الذكرى السادسة للثورة، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة صراع لفظي حاد، حيث أطلق المشاركون في الاحتجاجات الإلكترونية، الذين يُعرفون بـ “الديسمبريون”، حملة لتجديد المطالب التي رفعتها الثورة تحت شعار “حرية وسلام وعدالة”. وقد أكدوا على ضرورة التوقف الفوري للحرب المستمرة في البلاد منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
في هذا السياق، دعا النشطاء إلى انتقال السلطة إلى المدنيين، معتبرين أن استمرار النزاع العسكري هو محاولة لتقويض مكتسبات ثورة ديسمبر، وعودة النظام الشمولي الذي أطاحت به الثورة.
كما أشار الناشط محمد خليفة، أحد أبرز المدافعين عن مطالب الثورة، إلى أن مشهد حرق دار حزب “المؤتمر الوطني” في مدينة عطبرة خلال الأيام الأولى للثورة لا يزال يمثل رمزاً قوياً لمقاومة النظام البائد، وشارك ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” لإحياء تلك اللحظات التي شهدت بداية التحولات في البلاد.
في المقابل، كانت منصات أنصار النظام السابق، من الإسلاميين وأعضاء حزب “المؤتمر الوطني” الذي كان يرأسه البشير، مليئة بالانتقادات للثورة وتذكيرها بأحداث تاريخية أخرى مثل يوم الاستقلال في 19 ديسمبر 1955. وجاء ذلك وسط تهديدات بمواصلة الحرب حتى القضاء على من يعارضهم، في إشارة إلى أولئك الذين يطالبون بإنهاء النزاع والعودة إلى السلام.
كما سخر بعضهم من الاحتفاء بالثورة، معتبرين أن ذلك يأتي ضمن محاولة لتشويه هوية الوطن وتحريف التاريخ، في حين غابت معظم صفحات مؤيدي الحرب عن أي إشارات إيجابية للثورة.
من جهة أخرى، اتخذ تحالف “الحرية والتغيير” موقفاً قوياً ضد استمرار النزاع العسكري، معتبرين أن الحرب الراهنة هي محاولة من أنصار النظام السابق لاستعادة السلطة وفرض السيطرة مجدداً على البلاد.
وأكدت الأحزاب المدنية مثل حزب “المؤتمر السوداني” و”الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري” أن ثورة ديسمبر ستظل حية طالما بقيت مطالبها في أذهان الشعب السوداني، مشددين على أن “إرادة الشعب ستنتصر في النهاية ضد الحرب”.
ورغم الصراع السياسي المحتدم، استمرت منصات التواصل في نشر شعارات الثورة مثل “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” و”الثورة خيار الشعب”، إلى جانب صور القتلى الذين سقطوا أثناء احتجاجات الثورة، بينما تصدرت الأرقام الرمزية مثل “19” المجسمات المصممة إلكترونياً لتخليد هذا اليوم التاريخي.
ورغم الصعوبات التي يواجهها الشعب السوداني جراء الحرب المستمرة، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتهجير الملايين، إلا أن الاحتفال بثورة ديسمبر لا يزال يشكل جزءاً أساسياً من النقاشات السياسية والاجتماعية داخل البلاد وخارجها. هذا الاحتفال يعكس السعي المستمر لتحقيق أهداف الثورة السودانية التي انطلقت من أجل السلام والاستقرار والعدالة، فضلا عن تحقيق الديمقراطية.
ومع ذلك، تبقى هذه الأهداف بعيدة المنال، في ظل استمرار الصراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من 20 شهراً، دون أن يظهر أي أفق قريب لإنهاء هذه الحرب الدموية.