السيناريو المحتمل للاتفاق الروسي الأوكراني
مرصد مينا
طرحت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تصورها عن الاتفاق الذي يمكن أن يتوصل إليه الروس والأوكران، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن تعثر القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا، والعقوبات الغربية التي تضرب الاقتصاد الروسي، قد تدفع باتجاه التوصل إلى حل لاسيما أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أشار الأسبوع الماضي إلى وجود “أمل في الوصول لحل وسط”. فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الروس أصبحوا “أكثر واقعية” على طاولة المفاوضات.
الواشنطن بوست رأت أن روسيا ستصر روسيا على مطلب حياد أوكرانيا، لافتة إلى أن أحد أسباب الحرب: رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الغرب ورغبتها في الازدهار وتقرير المصير من خلال العضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي.
وأكدت الصحيفة، بحسب موقع الحرة، أن الديمقراطية المزدهرة المرتبطة بالغرب على حدود روسيا خاصة في أوكرانيا، التي يوجد بها الكثيرون يتحدثون الروسية، يمكن أن تكون نموذجًا مغريا للشعب الروسي، مما يهدد قبضة بوتين الاستبدادية، فيما ستطالب كييف بالحصول على ضمانات أمنية غربية، لأنه بالنسبة لها أي تعهد بالحياد سيحتاج على الأرجح إلى اعتراف روسيا، بأن القوى الغربية ستقدم لها المساعدة إذا تعرضت للتهديد مرة أخرى. وهذه النقطة بحسب الواشنطن بوست ربما تكون الأكثر صعوبة بالنسبة لموسكو، لأنها ترقى إلى مستوى القبول التكتيكي لمشاركة الناتو في الدفاع المستقبلي عن أوكرانيا، يمكن أن تقبل بذلك إذا تم وضع بند يحد من أنواع الأسلحة المقدمة لأوكرانيا.
النقطة الثالثة في الاتفاق، فستدور حول شبه جزيرة القرم ومنطقتي لوهانسك ودونيتسك، فالحرب في أوكرانيا بدأت بالفعل منذ ما يقرب من عقد من الزمان، عندما وقعت أوكرانيا، بعد انتفاضة عامة أطاحت بالرئيس من منصبه، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي ورفضت الحصول على قرض من روسيا، ورد الكرملين الغاضب بغزو شبه جزيرة القرم وضمها، بينما رعى وأرسل وكلاء للاستيلاء على لوهانسك ودونيتسك في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا.
وقبيل الغزو الأخير اعترف بوتين باستقلال هاتين المقاطعتين الانفصاليتين. وقد تطالب روسيا، كشرط للتسوية، باعتراف كييف والمجتمع الدولي بضمها لشبه جزيرة القرم، فضلاً عن السيطرة الروسية الفعلية على شرق دونباس،، وهي مطالب يرفضها الأوكرانيون.
وفي هذا السياق يرى الأكاديميان في جامعة هارفارد “أرفيد بيل” و”دانا وولف” بأن أوكرانيا يمكن أن تذعن للنقاط الرئيسية مع الحفاظ على السيادة. مشيران إلى أن الموافقة على الحياد، الذي ستفرضه على نفسها، سيتطلب التخلي رسميًا عن حلمها في الانضمام لحلف الناتو. وقد أشار زيلينسكي بالفعل إلى أنه على استعداد لقبول هذه النقطة الرئيسية، معترفًا علنًا هذا الأسبوع بأن عضوية الناتو ليست مطروحة.
أما أسوأ السيناريوهات، فهو أن تضطر أوكرانيا أيضًا إلى الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا واستقلال لوهانسك ودونيتسك. وقد يُطلب من “قوات حفظ السلام” الروسية البقاء في دونباس، على عكس إصرار كييف على أن روسيا يجب أن تسحب كل جندي من حدودها، وفي هذا السياق سيكون من الصعب على الشعب الأوكراني قبول مثل هذه الصفقة، لكن زيلينسكي، الذي أصبح ينظر إليه بطلاً في أوكرانيا وخارجها، لديه المكانة الكافية لإقناع شعبه بهذا الاتفاق.
ويرى بيل وولف أن السيناريو الأسوأ هو قبول بوتين الهزيمة، والموافقة على سحب جميع القوات من أوكرانيا، بما في ذلك القوات الموجودة في دونباس، والتراجع عن اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوهانسك، كما ستبقى شبه جزيرة القرم جزءًا من روسيا لكنها ستكون منزوعة السلاح. وسيُسمح لأوكرانيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها لن تنضم للناتو، في المقابل، سيرفع الغرب جميع العقوبات المفروضة على روسيا ويوافق على إجراء محادثات أمنية مع موسكو حول مستقبل الأمن والدفاع في أوروبا. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن بوتين من غير المرجح أن يتنازل عن هذا، نظرًا لتأثير ذلك على مكانته في الداخل.
بدورها تقول الدبلوماسية الأمريكية روز جوتيمولر، بحسب صحيفة فيننشال تايمز إن الكرملين بدأ في تعديل بعض مطالبه، فقد امتنع بوتين بشكل ملحوظ عن إعادة تأكيد مطالبه بتغيير النظام الأوكراني في الأيام الأخيرة.
الصحيفة البريطانية “فيينشال تايمز نقلت عن مصادر مطلعة على المفاوضات الروسية الأوكرانية قولها إن موسكو وكييف أحرزتا تقدمًا كبيرًا في خطة سلام مؤقتة تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب روسيا إذا أعلنت كييف الحياد وقبلت فرض قيود على قواتها المسلحة.
وقال اثنان من المفاوضين الأوكرانيين والروس إن المفاوضين الأوكرانيين والروس ناقشوا الاتفاق المقترح بالكامل لأول مرة الاثنين الماضي. وأكد مسؤولون أن المسودة المكونة من 15 نقطة ستشمل تخلي كييف عن طموحاتها للانضمام إلى الناتو، والتعهد بعدم استضافة قواعد عسكرية أو أسلحة أجنبية مقابل الحماية من الحلفاء مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا.
من جانبه، نفى مستشار الرئاسة الأوكراني، ميخايلو بودولاك، هذه المزاعم الروسية بأن أوكرانيا منفتحة على تبني نموذج حيادي يضاهي السويد أو النمسا، مشددا على أن كييف تريد وقف إطلال النار وانسحاب القوات الروسية مع ضمانات ملزمة.