الصراع السياسي في ليبيا يتجدد بسبب “المواد الخلافية” في مشروع الدستور
مرصد مينا
أثارت قضية مشروع الدستور الليبي حالة من الانقسام بين أعضاء الهيئة التأسيسية، حيث يختلف البعض حول ضرورة إجراء استفتاء على الدستور كما هو، في حين يفضل آخرون إعادة النظر في “المواد الخلافية” التي كانت سببا في إعاقة الاتفاق الكامل على الوثيقة الدستورية.
في هذا السياق، يتبنى رئيس حكومة “الوحدة الوطنية” المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، موقفاً داعماً للاستفتاء على المشروع بشكل مباشر، مؤكداً ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية من خلال الدستور، وهو موقف أيده في أكثر من مناسبة، آخرها خلال لقائه مع بعض أعضاء الهيئة في الشهر الحالي.
في المقابل، يرى منتقدو هذه الخطوة أنها جزء من محاولة من الدبيبة لتجاوز تحركات خصومه في شرق ليبيا الذين يسعون لتشكيل “حكومة موحدة” تقود البلاد نحو انتخابات رئاسية وتشريعية.
وفي قلب هذا الصراع، تكمن قضيتان رئيسيتان تتعلقان بمشروع الدستور، هما منع مزدوجي الجنسية والعسكريين من الترشح في الانتخابات الرئاسية، وهما موضوعان أثارا جدلاً واسعاً بين الأعضاء. حيث يعارض البعض تعديل هذه المواد معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر، في حين يدفع آخرون باتجاه تعديلها للوصول إلى صيغة توافقية تتيح إجراء الانتخابات بشكل سلس.
أحد الأعضاء، صلاح بوخزام، الذي يمثل إقليم فزان، يرى ضرورة طرح هذه المواد على الطاولة مرة أخرى لتعديلها، مؤكداً أن الهدف هو الوصول إلى توافق وطني يتيح للليبيين التصويت على الدستور في جو من الرضا العام.
أما الصديق الدرسي، فيرى أن تعديل المواد قد يعزز دعم مشروع الدستور في الشارع الليبي ويسهم في تقريب وجهات النظر المتباينة بين الأطراف المختلفة.
من جهة أخرى، ترفض بعض الأصوات فكرة إعادة النظر في المواد، وتعتبر أن الدستور قد تم إقراره من قبل الهيئة التأسيسية منذ سبع سنوات، ويجب المضي قدماً في استفتائه دون تأجيل أو تعديل، حيث ترى نادية عمران أن الحديث عن “المواد الخلافية” ليس سوى محاولة لتعطيل العملية السياسية التي وصلت إلى مرحلة حرجة.
ورغم هذه الانقسامات، يبقى هدف الجميع هو إقرار دستور ينهي الفترة الانتقالية ويؤسس لمرحلة سياسية مستقرة في ليبيا، إلا أن التحديات الداخلية والخارجية لا تزال تعرقل هذا المسار، حيث ترفض بعض الفئات من الأقلية الأمازيغية مشروع الدستور كما هو، مطالبين بإدخال تعديلات لضمان حماية حقوقهم الثقافية واللغوية.