العالم وقد أصيب بالملل
مرصد مينا
2023سنة الحروب، هي كذلك، ابتدأت بالحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم كانت حروب السودان، واختتمت بغزة، وسيكون الحال أشد مرارة مع افتتاحيات 2024 أقله وقد تنبأت بلومبرغ بأن برميل البارود الذي تقف فوقه منطقة الشرق الأوسط على وشك الانفجار، لتتحول الحرب الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة الفلسطيني إلى صراع أوسع نطاقاً في المنطقة، مع الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى أهداف في العراق، قالت إنها خاصة بفصائل مسلحة مرتبطة بإيران، في الوقت الذي كثفت فيه جماعة الحوثيين اليمنية استهدافها للسفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر.
بكل المقاييس ما من عاقل يستبعد حرب عالمية رابعة، فعالم اليوم استنفذ شرطه وعليه أن يجدد نفسه، وواضح بأن “الحرب رافعة التاريخ”، والقول لفردريش هيغل، ستكون مسار الأيام المقبلة، وما من نار بلا دخان ففي مساء الإثنين الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية قصف 3 منشآت مرتبطة بكتائب “حزب الله” العراقي المدعومة من إيران، التي تقول واشنطن إنها كانت وراء هجوم أسفر عن إصابة ثلاثة أمريكيين في العراق، ولم يعد مستبعداً أن تأخذ الحرب مسارها إلى إيران عوضاً عن ضرب أطرافها، وهذا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، يؤكد: “رغم أننا لا نسعى إلى تصعيد الصراع في المنطقة، نحن ملتزمون بالاستعداد الكامل لاتخاذ أية إجراءات ضرورية لحماية أفرادنا ومنشآتنا”.
فيما يذهب وزير الدفاع الأمريكي لقول ماقال، يأتي اليوم التالي لتجدد جماعة الحوثيين، هجماتها على السفن في البحر الأحمر، ولتؤكد شركة إم.إس.سي ميدتيريان شيبنج للنقل البحري تعرّض سفينة الحاويات إم.إس.سي يونايتد، التابعة لها، للهجوم وهي في طريقها إلى باكستان.
إيران تنفي تقديم المساعدة للهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر، ولكنها تتعهد بـ “جعل إسرائيل تدفع ثمن قتلها للجنرال رضى موسوي، القيادي في الحرس الثوري الإيراني، في قصف جوي استهدف إحدى ضواحي دمشق”.
أرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي الأمريكي السابق، والباحث الزميل لمعهد كارنيغي لأبحاث السلام، سيحذر من أنه “بات واضحاً أنه كلما طال أمد الحرب بين إسرائيل و”حماس” بمثل هذا القدر من الكثافة، زاد احتمال تصاعد الصراع” الإقليمي.
في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، قال المحلل السياسي الأمريكي أيان مارلو إن عدد الجماعات المسلحة غير الرسمية والعمليات العسكرية غير المتوقعة من جانب إسرائيل، والرد الإيراني المحتمل عليها، يجعل من الصعب توقع متى سوف يقع أي حادث يمكن أن يشعل صراعاً أوسع نطاقا. لكن ميللر قال إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى التصرف بشكل أشد صرامة إذا قتلت أي من الجماعات المسلحة في المنطقة جنوداً أمريكيين، مضيفاً: “إذا تعرّضنا لهجوم مباشر، ومات أمريكيون، سيكون من الواجب القيام برد أكبر وأثقل”.
ويضيف مارلو، المراسل السابق لصحيفة “جلوبال أند ميل” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أن الهجمات وغيرها من التطورات الأخيرة في المنطقة تبرز الصعوبة المتزايدة التي تواجهها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التحرك بشكل متوازن، في الوقت الذي تدعم فيه إسرائيل في حربها مع حركة “حماس” وغيرها من الفصائل الفلسطينية، التي شنت هجوماً على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية في منطقة غلاف قطاع غزة، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
الولايات المتحدة كانت قد نشرت مجموعات حاملات طائرات في المنطقة بهدف ردع القوى الإقليمية الموالية لإيران من ضرب إسرائيل، التي تشن حرباً برية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد حوالي 20 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.
بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، الذين يشعرون بالقلق من هجمات “حزب الله” اللبناني وغيره من الجماعات المسلحة المناوئة لإسرائيل في المنطقة، فإن الصراع الحالي يبدو بالفعل مثل الحرب الأوسع نطاقاً التي تحاول واشنطن تجنبها.
وزير الدفاع الإسرائيل يواف غالانت كان قد قال أمام الكنيست الإسرائيلي إن إسرائيل تخوض حرباً متعددة الجبهات، وأنها تتعرض للهجوم من 7 جبهات، هي غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق واليمن وإيران، مضيفاً أن إسرائيل “ترد بالفعل على 6 من الجبهات السبع. وسنقول الآن بأقصى درجات الوضوح إن أي شخص قام بعمل ضدنا سيصبح هدفاً محتملاً”.
وأخيرا يرى أيان مارلو إن كل المؤشرات تقول إن الأوضاع في الشرق الأوسط تقترب من لحظة الانفجار الكبير في ظل استمرار الحرب في غزة وهجمات الجماعات المسلحة المناهضة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة ورد الدولتين عليها.
انفجار الشرق الأوسط؟
هكذا تتنبأ بلومبيرغ.
لماذا لم تقل أنه انفجار العالم.. العالم وقد “ملّ” من نفسه، لتضيف بأن :
ـ ضحايا الملل أكثر عدداً من ضحايا الحروب.