العالم يرجوك “قليلاً من الحماقة” سيد بايدن
الملف السوري لم يتزحزح قيد انملة بدءًا من الهتاف الأول وصولاً إلى الطلقة التي لايبدو أنها ستكون الأخيرة، ويأتي من يحكي عن أن الملف السوري “لا يزال أحد أهم الملفات العالقة بالنسبة للإدارة الأميركية”.
حتمًا هذا كلام في الهواء فللإدارة الأمريكية أولويات، لن يكون للملف السوري فيها وزنًا يساوي “هاواوي” إن لم نقل الصراع الشرس مع الصين، فما بال ملفات أخرى كما ملف أوركرانيا؟
حسنًا، رغم ذلك كشف المبعوث الأميركي السابق للملف السوري والتحالف الدولي ضد داعش جيمس جيفري، أن موقف الولايات المتحدة بات اليوم أقوى للتفاوض مع روسيا بشأن سوريا.
كيف بات أقوى؟
أوضح فيلتمان أن هناك أسبابا كثيرة غيرت المواقف، أهمها أن جميع أدوات الضغط لا تزال موجودة في أيدي إدارة الرئيس جو بايدن، خصوصاً أن روسيا أضحت “غارقة في المستنقع السوري”، وفقاً لتصريح أدلى به لصحيفة “الشرق الأوسط”.
وماذا سوى ذلك؟
يقول فيلتمان أنه حث إدارة بايدن على ضرورة التنسيق مع حلفائها العرب والإقليميين والأمم المتحدة خلال الحوار مع الجانب الروسي، لضمان نجاحها في تحقيق أهدافها المعلنة، إزاء الملف السوري، ويتابع القول بأنه حذر من “أن عدم القيام بذلك يعني إما أن إدارة بايدن تعتقد أن سوريا غير مهمة، أو أنهم يريدون القيام بشيء لا يريد أحد معرفته، وفق قوله”.
أما عن التفاوض مع الأسد، فأوضح أن موقف الإدارة من هذه النقطة لم يتضح بعد.
اذا كان تحريك الملف يتطلب طاولات حوار، ألن يكون جزءًا من حوراتها الحوار مع بشار الأسد؟
سياسة أميركا في سوريا تتضمن أهدافا رئيسية، أهمها القرار الدولي 2254، وهو هزيمة داعش وعودة اللاجئين والمساءلة، والحفاظ على وقف النار، وإخراج الإيرانيين.. هذا مايقوله فيلتمان.
الأهم، هو ما يأتي في آخر قائمة الأولويات ونعني “إخراج الإيرانيين من سوريا”.
ـ كيف سيكون ذلك؟
عمليًا كل الأدوات الأميركية مازالت موجودة، مثل القوات على الأرض، والدعم الإسرائيلي الذي يضمن قصف أهداف معينة، ولابد أن الإدارة الأميركية تريد إخراج إيران من سوريا، وكان هذا موقف إدارة ترمب منذ البداية، أما اليوم فالأولوية تأتي لإنهاء المخاطر الاستراتيجية مثل الصواريخ الباليستية.
فيلتمان ينبئنا بأن هناك ضغوطاً في الكونغرس الأميركي على الإدارة للكشف عن استراتيجية واضحة حول التعامل مع الملف السوري. ثم يعود لتعداد الأولويات “عملية السلام بموجب القرار 2254، وعودة اللاجئين، وإخراج إيران وصواريخها الاستراتيجية، وأمن تركيا، وإعادة دمج السوريين الذين عارضوا الأسد، والمساءلة”.
العناوين كثيرة، ومامن عنوان إلاّ ويحمل استحالة تولد استحالة، فإخراج إيران من سوريا لن يتحقق سوى بإخراج الملالي مع حرسهم الثوري من إيران قبل إخراجهم من سوريا، اما المساءلة وإعادة دمج السوريين، فلن تكون قبل إنهاء سبب الكارثة الذي لن يكون سببًا في حلها، ونعني على وجه التحديد المنظومة الحاكمة وأكثر تحديدًا مساءلة بشار الأسد شخصيًا في دحرجة البلاد إلى حرب من الصعب تعداد كوارثها، فكيف سيكون ذلك؟
مشكلة إدارة بايدن، الوارثة لسياسات أوباما، أنه يمسك العصى من الوسط، في الوقت الذي يجب حملها من قبضتها، ويبدو أن هذا لن يحدث، لا مع الايرانيين وبرنامجهم النووي، ولا مع النظام السوري، ولن يكون هذا حاله مع روسيا أيضًا.
الدواء الذي يسمى “الكيّ”، وهو آخر العلاج، لن يكون في “أكزخانات” الإدارة الأمريكية.
في لحظة ما، العقل البارد، هو الحماقة وتكريس للحماقة.
في لحظة ما، الحماقة وحدها هي الحكمة.
كان العالم أحوج إلى حماقات جورج دبليو بوش، أو حماقات ترامب ليكون أفضل.