الكرة في الملعب الشيعي
زاوية مينا
استمراره بالاشتباك وسط انعدام ميزان القوى يعني أن تأكله إسرائيل، وقبوله بـ 1701مع تداعياته لا تعني سوى أن يأكل “حزب الله” نفسه، والخياران ليسا بخيارين في صيغة مفرداتها:
ـ التخلي الإيراني عن حزب الله لحظة يتخلّى عن سلاحه.
ـ استعصاء التعايش مع الصيغة اللبنانية بقواها واحزابها ومنوعاتها الطائفية ما بعد أربعة عقود من التجني على لبنان تاركاً للبنانيين ذاكرة مشبعة بالاغتيالات والخراب والمكابرة والعناد وإسقاط أي بعد لبناني للحزب وقد احترف الولاء للولي الفقيه، وبالنتيجة صعوبة أو استعصاء أن يعود الحزب إلى لبنان كحزب مدني بلا سلاح أسوة بالقوى اللبنانية الأخرى، هذا دون نسيان تلك التربية التي عاشتها كوادره والتي لا تعني سوى “السلاح زينة الرجال”، وهي الصيغة التي لن تسمح له بالتكيف مع حالة لبنانية قائمة على التجاذب والاختلاف كما على التوافق والتعايش.
كيفما نظرت إلى حال حزب الله، ستجد الاستعصاء، فلا “يوم تالي” لهذا الحزب إن لم تحدث هبّة شعبية واسعة بمواجهته، بل وتحديداً “هبّة شيعية” بعدما قاد الحزب بيئته إلى كل هذا الدمار وكل تلك المتاهة، دون هدف واحد يمكن الإتكاء على مشروعيته، فإسناد غزة لم يسند غزة، والقضية الفلسطينية لم تتقدم قيد أنملة كلما تقدّم العسكر الإسرائيليون وإلى مزيد من تفويض اليمين الإسرائيلي بمصير إسرائيل وقد باتت لا دولة سلطة اليمين، بل تحوّلت إلى سلطة يمين اليمين، واستطلاعات الرأي في إسرائيل قد تحوّلت من شبه نتنياهو المرفوض، إلى نتنياهو “نبي إسرائيل” وهو الصعود الذي لم يكن يحلم به رجل بجنون وتطرف وخيبات بنيامين نتنياهو، ليتحوّل حزب الله وشريكه “حماس” إلى أول ناخب لنتنياهو، وأشدّ الأصوات دعماً له، على حساب أي احتمال لقوة سلام صاعدة أو جنينية في إسرائيل.
تلك النتائج المعلنة عما آل إليه الاشتباك العسكري ما بين حزب الله وإسرائيل، ولابد أن تتضاعف الكارثة لحظة يواجه اللبنانيون مع حزب الله مسألتين مستقبليتين وقد تكونا قريبتين:
ـ أولهما، ماهو مصير مليون ونصف مليون مهجّر من الجنوب؟
وثانيهما، ماهي احتمالات أن يتحوّل حزب الله إلى حزب مدني، لا يقلل من شأن شواطئ السابحات، ولا يتهم من تبقّى من اللبنانيين بالصهينة إذا ما اختاروا الدولة الجامعة بعد أن تحوّل البلد إلى زواريب للميليشيا التي إذا ما امتدت في الشارع اللبناني فقد تنتج ميليشيات؟
سؤالان بمواجهة حزب الله، بل وبمواجهة مجموع اللبنانيين الذين خطوا حزمة من الخطوات باتجاه احتضان مأزق المستقبل في محاولة لتدارك ما يحمل من كوارث.
تهدئة الخطاب.. احتضان المهجّرين.
عنوانان للاستيعاب، غير أن ما قد يفلت من اليد قد يبدو عصياً على الاستعادة واللبنانيون:
ـ خائفون.. خائفون.. خائفون.
فكل الحروب لابد ستكون أكثر رحمة من إطلاق العقال لجنون الشارع الذي قد يحمل اسم:
ـ حرباً أهلية.
الكرة في الملعب الشيعي، فمن حمل الحمار إلى المئذنة عليه أن ينزله عنها.