بسبب نقص السيولة.. السوريون يواجهون معاناة يومية في طوابير المصارف

مرصد مينا
يشهد المواطنون السوريون معاناة كبيرة بسبب نقص السيولة النقدية في البلاد، حيث يضطرون للانتظار في طوابير طويلة أمام المصارف والصرافات الآلية لساعات عدة، وهو ما يضاعف معاناتهم اليومية.
أبو فارس، الموظف المتقاعد البالغ من العمر 77 عاماً، يروي تجربته لوكالة فرانس برس قائلاً إنه قضى نحو أربع ساعات ينتظر للحصول على جزء من راتبه في طابور طويل أمام المصرف التجاري الحكومي في دمشق، وسط ظروف قاسية وأزمة سيولة خانقة تؤثر على مختلف فئات المجتمع.
أزمة نقدية تزداد تعقيداً
تستمر الأزمة الاقتصادية في سوريا، بسبب النزاع الذي استمر 14 عاماً وكذلك العقوبات المفروضة على البلاد.
مع بداية عام 2025، قرر المصرف المركزي فرض قيود على سحب الأموال النقدية من المصارف، مما أضاف مزيداً من الضغوط على المواطنين، خصوصاً الموظفين الذين يضطرون للانتظار لساعات طويلة أمام المصارف الحكومية والصرافات الآلية.
وتُضاف هذه الأزمة إلى سلسلة من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري، والتي تأثرت بفقدان الليرة السورية جزءاً كبيراً من قيمتها مقابل الدولار.
انتظار طويل مقابل مبالغ زهيدة
وفي بلد يعمل في قطاعه العام نحو مليون و250 ألف شخص بحسب السلطات، يُضطر هؤلاء الموظفون للوقوف ساعات في طوابير أمام فروع المصارف الحكومية أو أجهزة الصراف الآلي.
ويأخذ بعضهم إجازة من عملهم لقضاء يوم كامل في محاولة لسحب جزء بسيط من رواتبهم. وينسحب ذلك على المودعين الراغبين في سحب بعض من مدّخراتهم بالليرة السورية.
ومن بين هؤلاء، الموظفة الحكومية عفراء جمعة التي تقول: “نضطر لتأخير التزاماتنا حتى نحصل على أموالنا، وهذا الأمر ليس متاحاً دائماً”.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو تزايد أعداد المرضى وكبار السن الذين يعانون أكثر من غيرهم في مثل هذه الظروف.
ويوضح أبو فارس: “هناك مرضى وكبار في السن، ولا نستطيع أن نبقى على هذه الحالة”.
تجفيف السيولة وتأثيره على الاقتصاد
يشير الخبراء إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء نقص السيولة هو ما يسمى “تجفيف السيولة” من قبل الصرافين، حيث يعملون على تقليل كمية النقود المتداولة في الأسواق لتحقيق أرباح سريعة.
وبحسب الخبير الاقتصادي جورج خزام، يتسبب هذا الأمر في تقلبات سريعة في سعر صرف الدولار، مما يزيد من تدهور الليرة السورية.
هذه السياسات تساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزيد من معاناة المواطنين.
الاقتصاد السوري تحت ضغط مستمر
النزاع المستمر والعقوبات الاقتصادية قد أدى إلى تدهور شديد في الاقتصاد السوري، حيث تراجعت قيمة الليرة السورية بشكل كبير منذ بداية الانتفاضة السورية في عام 2011.
في السابق، كان الدولار الأمريكي يعادل حوالي 50 ليرة سورية، لكنه اليوم وصل إلى أكثر من 10 آلاف ليرة للدولار الواحد.
هذا التدهور في العملة المحلية يضع ضغوطاً إضافية على الشعب السوري ويزيد من الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها يوميا.
نقص السيولة: معاناة مستمرة للموظفين والمودعين
بسبب القيود المفروضة على سحب الأموال، يضطر الموظفون مثل منتهى عباس، التي تتقاضى راتباً قدره 500 ألف ليرة سورية (ما يعادل حوالي 50 دولاراً)، للانتظار في طوابير طويلة أمام المصارف للحصول على رواتبهم.
وتؤكد منتهى أنها اضطرت إلى الانتظار لمدة خمس ساعات لتتمكن من سحب 200 ألف ليرة فقط من أصل راتبها، على أن تعود في اليوم التالي للحصول على باقي المبلغ.
وأضافت أن “هناك الكثير من الصرافات في دمشق، لكن ما يعمل منها هو عدد قليل، والسبب برأيي عدم وجود كميات كافية من الأموال”
وصفت منتهى عباس الوضع بالقول: “حياتنا باتت عبارة عن طوابير”.
في ظل هذه الظروف، يواصل السوريون مواجهة تحديات كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مما يزيد من معاناتهم في الحصول على حقوقهم المالية الأساسية.