اللعنة الإيرانية، توأم اللعنة الإسرائيلية وجسرها إلى الشرق الأعبط الجديد

مرصد مينا
هي الأوهام الإيرانية، فالملالي مازالوا يظنون بأنهم حاجة استراتيجية للولايات المتحدة، ومازالوا عالقين بأنهم “الضرورة في مواجهة المد الشيوعي” يوم كان الاتحاد السوفييتي يتمدد إلى الشرق الأوسط رافعاً منجلته ومطرقته، وهاهم يظنون بأن الإدارة الأمريكية ستلاقيهم في منتصف الطريق.
هو الوهم الذي مازالت تصدّره للمنطقة، بما يجعلها تعطي أوامرها برشق إسرائيل بصواريخ، لم يحدث أن أصابت هدفاً، فيما استدعت ردوداً أقل ما يقال فيها “مدمرة”.
لم يدرك الملالي بعد حجم الحفر التي تحفرها الإدارة الأمريكية من تحتهم، ولم يدركوا أن دونالد ترامب لا ينفك يشتغل على “الجحيم”، وبأن كل تمدد إيراني يقابل بالمزيد من الدمار، وهو دمار مازال حتى اللحظة يستهدف الآكلين من خبز الملالي، فيما الأيام القادمة لابد وتحمل معها ضربات ربما ستكون اكثر من موجعة لطهران الجائعة، عاصمة الثروة المهدورة على الحروب، والانتقال من حرب إلى حرب لتنتهي بما قاله الخميني وقد أعلن ما بعد حرب الخليج أنه يتجرع السم.
لم يدركوا بعد، أنه مع ترامب ومبعوثيه تصير الوساطة الأميركية في المفاوضات ضرباً من الخداع، وجزءاً من استراتيجية الحرب الإسرائيلية، وشبكة أمان لنتنياهو لترميم بنيانه السياسي ومواصلة جرائم الإبادة.
اتّهم ويتكوف “حماس” بعدم الموافقة على شروطه للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتّفاق الهدنة. وكان ذلك أفضل حجّة لنتنياهو للعودة إلى الحرب وممارسة هوايته المفضّلة بقتل أهل غزّة بغطاء أميركي.. وهذه بعض الوقائع:
ـ في ليلة واحدة هدرت دماء أكثر من 500 فلسطيني، وكان ذلك كفيلاً بإرضاء بن غفير المتعطّش للدم وإعادته إلى الحكومة، وتالياً تمرير الموازنة المثيرة للجدل وتثبيت الائتلاف.
–التهرّب من الالتزامات الإسرائيلية باتّفاق وقف النار، وإعادة احتلال معبر نتساريم وعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، وتالياً خنق “حماس” أو أيّ بديل سياسي أو عسكري عنها في القطاع بعزلهما عن العالم الخارجي.
– ـتهرّب نتنياهو من جلسات الاستماع في قضايا الفساد المتّهم بها، تحت ذريعة انشغاله بقضايا كبرى تهمّ مصلحة الدولة.
– ـصرف الانتباه عن الاحتجاجات ضدّ حكومته بسبب إقالة رئيس “الشاباك” وعزل المستشارة القضائية.
– ـممارسة المزيد من الضغط على “حماس” في حال الاضطرار إلى العودة إلى المفاوضات تحت تأثير احتجاجات عائلات الرهائن ودفعها إلى تقديم تنازلات.
ويتجاهل الملالي أنه:
خلف هذه الأهداف الصغيرة والتغطية الأميركية للجرائم الإسرائيلية، ترتسم صورة أشدّ خطورة وتعقيداً. المقتلة تتّسع يوماً بعد يوم، والقطاع يصير أرض مدافن لا تصلح للحياة، فغالبيّة السكّان تعاني ما تعاني من مرض وجوع وألم.
هؤلاء بشر تحقّ لهم الحياة والزواج والعمل والإنجاب والتعلّم، وبحجّة الإنسانية المزيّفة قد تُفتح لهم أبواب الخروج من دون عودة.
ويتجاهلون أن:
ما يحدث في القطاع يحدث مثله على نار هادئة في الضفّة الغربية ومدنها والمخيّمات. طريق العبور نحو سيناء المصرية قد تكون مغلقة نظراً إلى وجود جيش وحدود وموقف رسمي رافض وحسابات معقّدة.
لكنّ الاتّجاه صوب لبنان وسوريا صار شبه مفتوح بعد تلاشي الحدود وإزالة الموانع. فهل نعدّ العدّة لتلقّف ضحايا النكبة الثانية والكبرى؟ّ
كله يتجاهلونه ويوقدون النار من تحت رماد المنطقة وآخرها اليوم، وقد أطلق وكلاءهم صواريخ تضل طريقها على مستوطنات إسرائيلية، لترتد على لبنان بالمزيد من الخراب، ليخرب ما نجا من خراب الأمس.
اللعنة الإيرانية، تلك هي الحقيقة وقد باتت توأم اللعنة الإسرائيلية وشريكتها في الدمار، وأقله في التسبب بادمار.