المصائب لا تأتي فرادا.. القطاع الصحي في لبنان أمام أزمة جديدة
مرصد مينا – لبنان
تفاقمت معاناة الأطباء والممرضين العاملين في القطاع الصحي اللبناني بعد خروج عدد من المراكز الطبية والمستشفيات عن العمل نتيجة دمارها بشكل جزئي أو كلي جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب\أغسطس الماضي.
وبعد الانفجار فقد المئات من العاملين في القطاع الصحي وظائفهم بعد أن كانوا يعانون من خفض رواتبهم، بسبب الأزمة المالية التي ترزح تحتها البلاد، وعدم تسديد مستحقاتهم، هذا عدا احتجاز أموالهم في المصارف، كما باقي المودعين، مع شح الدولار في السوق اللبنانية.
إلى جانب ذلك، أكثر ما زاد الطين بلة هو اضطرار الطاقم الطبي للعمل لساعات متواصلة، وتعريض نفسه وعائلاته للخطر، مع تفشي وباء “كورونا، وتسجيل نحو 500 حالة يومياً منذ أسابيع، فبدل أن يتلقى هؤلاء حوافز ومكافآت، كما هو حاصل في كل دول العالم لحضهم على مواصلة الوجود في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس وتفشيه، شملت الإجراءات التقشفية التي اتخذتها المؤسسات الخاصة للصمود في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المتعاظمة، القطاع الطبي، ما دفع المئات من العاملين فيه لتقديم طلبات للهجرة والاستجابة لطلبات توظيف سابقة وصلت عبر وزارة الخارجية من دول كإنجلترا وكندا.
وكشف نقيب الأطباء البروفسور “شرف أبو شرف”، لصحيفة “الشرق الأوسط” عن تقدم مئات الأطباء من النقابة لطلب ملفاتهم وإفادات استعداداً لمغادرة البلاد، منبهاً لكارثة حقيقية في حال استمر النزيف الحاصل في القطاع الطبي.
البروفسور “أبو شرف” أشار إلى تهافت دول أوروبا وأميركا، كما الدول العربية المجاورة، على توظيف الأطباء والممرضين اللبنانيين، وكل العاملين في القطاع الاستشفائي، نظراً لمستوياتهم العلمية وخبراتهم الكبيرة، إضافة للاندفاع في العمل.
وشدد “أبو شرف” على ضرورة “انكباب النقابة للتصدي لهذه الظاهرة، وتحسين ظروف العمل، لكن الوضع صعب جداً بغياب الحد الأدنى من الحقوق والحماية، وتقاضي بدل الأتعاب بعد سنوات، إضافة لغياب الضمان بعد التقاع”.
نقيب الأطباء أضاق: “تقدمنا مؤخراً باقتراح قانون لتأمين الحصانة للطبيب وحمايته أثناء أداء مهنته، كما نعمل على جوانب أخرى، لكن التطورات الكثيرة والمتلاحقة، آخرها انفجار المرفأ، وما ألحقه من أضرار كبيرة بمستشفيات في العاصمة فاقم المشكلة”.
بدوره، رئيس قسم غسيل الكلى في مستشفى “المشرق”، إلياس نقولا يخطط للهجرة للانضمام إلى المئات من زملائه الآخرين.
وأكد نقولا لـ”الشرق الأوسط”، أن هناك نحو 5 آلاف طبيب تركوا لبنان منهم ما بين 500 و600 خلال الأشهر القليلة الماضية مشيرا إلى أن الأسباب الرئيسية التي تؤدي لهجرة العاملين في هذا المجال، التأخير الكبير الحاصل في قبض مستحقاتهم، و احتجاز الأموال في المصارف، و البحث عن مستقبل آمن لعائلاتهم.
وينتسب لنقابة الأطباء في بيروت 12 ألفاً و500 طبيب مسجلون يزاولون المهنة، إضافة لألفين و500 طبيب في مناطق الشمال.
كما يبلغ عدد الممرضين والممرضات المسجلين في النقابة 16 ألفاً يواجهون التحديات نفسها التي يواجهها الأطباء.
وأكدت نقيبة الممرضين والممرضات الدكتورة ميرنا أبي عبد الله ضومط، أن هجرة العاملين في القطاع الصحي بلغت مستويات غير مسبوقة نتيجة الرواتب المنخفضة، أو عدم تقاضي الرواتب، والإجازات غير المدفوعة، إضافة لظروف العمل غير الآمنة والسليمة.
يذكر أن نقابة الممرضات والممرضين في لبنان، أصدرت أول أمس الجمعة، بياناً دقت من خلاله ناقوس الخطر، ونبهت فيه لتكاثر هجرة اليد العاملة التمريضية ذات الكفاءة العلمية والخبرات بحثاً عن ظروف عمل خارج لبنان، وهذا ما اعتبرته النقابة أمرا يدعو إلى القلق على مستقبل الصحة في لبنان ومستقبل المهنة.