fbpx

المعتقلون السوريون.. من يتذكرهم؟

ليس بالأمر السهل توثيق عدد المعتقلين السوريين في زنازن النظام، تمامًا كما ليس من الوارد أو الممكن حتى اللحظة التعرف على من قتل من بينهم وعلى من لا يزال حيًا، غير أن القاعدة في بلاد مثل سوريا، هي أن المواطن فيها إما معتقل، وإما هو تحت تهديد الاعتقال.

تلك حقيقة لا ينكرها حتى مؤيدي النظام، غير أن المؤكد أن أعداد المعتقلين تفوق عشرات الآلاف، والمعتقلون من كافة التيارات والقوى والأحزاب، كما لا بد من معتقلين تهمتهم:
تهمة طائشة
التهمة الطائشة كانت قد نالت العديد من السوريين، ليس منذ بدء استيلاء بشار الأسد على الحكم فحسب، فقبله كانت التهم الطائشة قد نالت من العشرات السوريين الذين قتلوا تحت التعذيب (كان ذلك في عهد الأسد الأب)، وليس ثمة من يستنكر مقتلهم، والتهم جاهزة.
الإرهاب

حين كان سجن صيدنايا يغص بالمعتقلين، وهم ينتمون إلى الفكر اليساري والعلماني والإسلامي، سارع النظام لاطلاق الإسلاميين، بل سارع إلى إطلاق قيادات من الإسلاميين التكفيريين ليس أبرزهم جماعة جيش الإسلام، وهؤلاء شكّلوا مع تداعيات الحرب السورية، الفصائل الاحتياطية للنظام وقد منحته المظلة السياسية للانقضاض على التيارات اليسارية والشخصيات الوطنية، وكذلك على العاملين في حقل الإغاثة، فيما مايزال الآلاف من اليساريين والعلمانيين في سجون النظام ولن نذكر البارزين منهم بالأسماء، فحق الانسان في الحرية هو حق الانسان وهذا الحق لايميز ما بين شخصية بارزة وأخرى مغمورة، غير أننا نعلم باليقين أن النظام كان قد استشرس بمواجهة اليسار والعلمانيين أكثر مما استشرس في مواجهة الإسلاميين، والأفظع من هذا، أن فصائل إسلامية متشدة استكملت دور النظام عبر حملات الاعتقالات التي مارستها فيما تسميه (المناطق المحررة) والكل يتذكر مافعله جيش الإسلام بمجموعة من الناشطات المدنيات في غوطة دمشق واللواتي مازلن مغيبات حتى اللحظة.
الحرب تدور رحاها على الأرض السورية، والمفاوضات تتنقل من أرض إلى أرض.. من سوتشي إلى آستانة إلى جنيف، وكل المفاوضات مازالت تدور حول تقاسم البلاد.
ـ هذه الأرض من حصة من؟ وتلك من حصة من؟ وهذا السلاح من حصة من؟ وذاك السلاح من حصة من؟
ووحدهم المعتقلون والمغيبون، هم الغائبون عن نشرات الأخبار، حتى بدا وكأنما باتوا منسيين سوى من عائلاتهم التي إن لم يقتلها الانتظار، قتلها افتقاد الأمل، مع أن قضيتهم، يفترض أن تكون القضية المركزية بالنسبة لسوريا.. كل سوريا بكل ناسها وقواها السياسية، باستثناء تلك القوى التي تغّولت في دماء الناس من معارضة ونظام.
المعتقلون، وحدهم المنسيون، والهيئات والمنظمات الدولية، لم تكن حريصة ولا للحظة سوى على التسويات والصفقات مع النظام وكذا الحال مع فصائل من المعارضة، وهي فصائل لها من إرث النظام، كل ما امتلكه النظام من سطو على حياة الناس وحريات الناس وأرزاق الناس.
أمر فظيع أن تنتظر أم ابنها لثمان سنوات متتتالية، دون أن تنسى ميعاد عيد مولده لتضيء له الشموع أملاً بأن يصل ضوء الشمعة إلى زنزانته.
سوريا اليتيمة تطلق صرخات الأمهات.
الأمهات الثاكلات.
الأمهات المترملات.
الأمهات اللواتي يقتلهن الصقيع وبقتلهن الانتظار.
أمهات المعتقلات اللواتي لا أمهات لهن.

هوذا العالم الموحش الوحش. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى