الهبة التي تنتظر الأسد
مرصد مينا
هي لغة الابتزاز، أما مفرداتها فهي :
ـ الكبتاغون.
والمفردة إياها تعود على مصنّعيها ومهربيها ومروجيها بـ 57 مليار دولار سنوياً حسب تقديرات “ديلي ميل”، لتكون عائداتها محصورة بمافيا النظام في سوريا، والمرجّح إلى مافيا الفرقة الرابعة التي يديرها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري ولا تدخل حكماً في الميزانية العامة للدولة، وهي الميزانية المفلسة التي تهدد بقطع الطحين عن الأفران، فيما لا تعثر العائلة السورية على ما يزيد عن وجبة واحدة في اليوم، هذا إذا توفرت الوجبة للمحظوظين من السكّان.
ما سبق ليس سوى الجانب الربحي المالي من لعبة الكبتاغون، أما على الجانب السياسي فقد بات “الكبتاغون” ومشتقات المخدرات الأخرى سلاحاً ضاغطاً على “الامّة”، وأول ضغوطاته ستكون على ممره الإجباري الذي يطال الأردن، ومنها إلى السوق الخليجية، ليتحوّل الكبتاغون إلى سلاح ضاغط وفاعل في ترويض “الأعدقاء”، ونعني هنا، تلك الإمارات التي تفتح نصف الباب للنظام، وكان مثالها في استدعاء بشار الأسد إلى قمة الرياض، هناك، حيث ألقى بشار الأسد خطبته وسط انسحاب البعض، وتذمر البعض الآخر، وعدم الترحيب من الجميع، وهو الجميع الذي بدا مرغماً على تخصيص كرسي للرئيس السوري، فيما أسلحة تدميره تطال شوارع وأسواق المدن العربية، والخليجية على وجه التحديد، ومن ثم تأتي “حرب غزة”، ليتخذ نظام دمشق موقف “الصنم” منها، ولابد أن “صنماً” في هذه الحرب لابد ويعثر على مكافأة تطيل بعمره، وليس مستبعداً أن تأتي المكافأة على شكل هبة من الإدارة الامريكية بالتوافق مع الحكومة الإسرائيلية، والهبة تعني إطالة عمر النظام، ومنحه الوقت الكافي ليرمم خرابه ويستعيد قوّته في بلد اُنهكت، حتى باتت واحدة من أشد بلدان الدنيا انهياراً وجوعاً، وسيزيد من حجم المكافأة، أن يزيد الأسد من صادرات الكبتاغون إلى الأردن التي تعني البلد الـ “نصف فلسطيني” والـ “نصف شرق أردني”، وبذلك يخوض حرباً مؤازرة للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، وهذا لابد سيمنحه الرضى الإسرائيلي، وعلى العالم أن يفهم، أن من لم ينل الرضى الإسرائيلي، لن ينال الـ “خالد إلى الأبد”، وكان الأردنيون قد لمسوا حجم الخطر الذي يحيط بهم، وصولاً إلى إطلاق طيرانهم الحربي على مواقع سورية راعية للكبتاغون، أصاب بعضها أهدافها، وظلّ بعضها الآخر الهدف، غير أن ما ليس مستبعداً ان يتحول شمال الأردن إلى جبهة مفتوحة على الحدود السورية، ذلك أنه لم يتبق امام المملكة سوى العلاج بـ “الكيّ” ما بعد استنفاذ كافة الطرق الدبلوماسية، وكان أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني، قد استبق الدواء بـ “الكيّ” بما يكفي من مغازلة النظام السوري وتطييب خاطرة، غير أن الظاهر من الغامض في الصورة اليوم أن الموس وصل إلى لحية المملكة، ولم يعد بوسعها سوى الخطو خطوة واسعة، وهي الخطوة العسكرية التي تعني “حرباً” واسعة أو منخفضة الشدّة، وفي كل الحالات فالحرب هي الحرب، وليس ثمة من يعرف آخرتها حتى لدى مُطلِقها.
بشار الأسد لن يكون الخاسر ولا بحال، فالخاسر لايُخسّر، وعلى هذه القاعدة يشتغل ونظامه برفقة أخيه وفرقته الرابعة، أما “الهبّة” الأمريكية فلابد أن تكون في حساباته، ولو لم يكن بانتظارها، لم توانى عن الالتحاق بحسن نصر الله وحماس، غير أنه لم يفعل ذلك، وهو الرجل الذي تعلّم من أبيه، وكلنا يتذكر حرب الخليج وحفر الباطن، يومها كانت مكافأة حافظ الأسد منحه لبنان.
لا ندري على وجه اليقين، ما هي الهبة التي ستقدم للوريث.
هل ستكون الأردن؟
من يدري نحو أي اتجاه ستسير أحجار رقعة الشطرنج.