انهيار غير مسبوق لقيمة الجنيه السوداني يزيد تعقيد الأزمة المعيشية في البلاد

مرصد مينا
شهد سعر صرف الجنيه السوداني تدهوراً حاداً وغير مسبوق خلال الأيام الماضية، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز 3 آلاف جنيه في السوق الموازية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والعسكرية التي تمر بها البلاد في ظل حرب دخلت عامها الثالث.
يرجع هذا الانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية إلى نقص الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ما دفع التجار والمستوردين إلى اللجوء للسوق السوداء لشراء الدولار بأسعار مرتفعة، وهو ما أدى بدوره إلى استمرار تراجع سعر صرف الجنيه.
وقال أحد المتعاملين في السوق السوداء بمدينة بورتسودان إن الطلب على الدولار وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن السعر الذي تم التعامل به بلغ 3300 جنيه للدولار ثم تراجع إلى حوالي 2900 جنيه.
وأكد خبير اقتصادي أن أسباب الانخفاض مرتبطة بفترة الفراغ السياسي بين حل الحكومة السابقة وتأخير تشكيل “حكومة الأمل”، ما أثر سلباً على الوضع الاقتصادي وأدى إلى تباطؤ ملحوظ انعكس على العملة الوطنية.
وأضاف أن عمليات تهريب الذهب تلعب دوراً سلبياً في زيادة ضعف قيمة الجنيه، رغم الجهود الحكومية لاستثمار إنتاج الذهب لدعم الخزينة.
وفي محاولة للحد من المضاربات، فرض البنك المركزي قيوداً على التعاملات البنكية عبر التطبيقات الإلكترونية، إلا أن هذا القرار خلق تحديات جديدة للشركات الخاصة التي تحتاج إلى عملات أجنبية لتحريك استيراداتها، مما دفعها إلى اللجوء للسوق السوداء.
من جانب آخر، توقع أمين شباب الأعمال في “اتحاد أصحاب العمل” السابق،أحمد سيد، استمرار تراجع قيمة الجنيه في ظل استمرار الأزمة السياسية، مرجحاً أن جهات مقربة من الحكومة الحالية تشتري كميات كبيرة من الدولار لتغطية التزامات الحرب وشراء الأسلحة، في ظل تقلص الدعم الإقليمي وتفاقم أزمة تهريب الذهب.
ويشهد الاقتصاد السوداني انكماشاً حاداً بنسبة 40% منذ عام 2023، مع انخفاض إيرادات الدولة بنحو 80%، في ظل تداعيات الحرب التي عطلت الإنتاج والصادرات وأدت إلى خسائر فادحة في قطاع الأعمال.
وحذر محللون اقتصاديون من أن استمرار انخفاض الجنيه سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية والدواء، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعانون بالفعل من آثار الصراع.
واعتبر خبراء أن الإجراءات الحكومية الحالية لوقف تدهور العملة مؤقتة، ولا تعد حلاً جذرياً، متوقعين أن يستمر الجنيه في الانحدار ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الحرب ويعيد الاستقرار الاقتصادي.
ويعاني السودان منذ أبريل 2023 من حرب أهلية دموية بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في صراع على السلطة، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف وتهجير الملايين، فضلاً عن تدمير البنى التحتية في البلاد.