fbpx
أخر الأخبار

بشار الأسد يقولها: “خامنئي زعيم العرب”

إحداث تحوّلات ديمقراطية في سوريا مع بقاء النظام؟

مطلب أقل ما يقال فيه الطلب من حيوان لاحم أن يتحول إلى النبات والاستنبات، وهو أمر لاتقره طبيعة الأشياء، ما يعني أنه مطلب يجدر استثنائه حين نحكي عن الدوافع التي تبعث بمجموعة من الدول (عربية وأوروبية) إلى تعويم النظام اعترافًا بشرعيته، وإعفاء له من المثول أمام المحاكم الدولية بتهم ليس منها الإبادة الجماعية فحسب، بل التغييب والانتهاكات التي ماتزال مستمرة، دون أن يغير النظام شيئًا من سلوكه، بل زاد عليها تبعًا لنشوة الانتصار التي حققها على جماهير المحتجين.

أما القول بأن “الحرب انتهت” في سوريا باعتباره دافعًا لاعادة تعويم النظام بصفته “أمرًا واقعًا” هو كذلك قول يحمل الكثير من المجازفة، فالحرب لم تنته ولكنها نامت، ولا نعلم متى ستسيقظ، فالسلاح مازال بيد الناس، وثقافة السلاح لم تسقط بعد، فيما النظام مازال ولاّد حروب بعد أن اغلق كل أشكال التصالح مع الناس.

آخر الحجج في الذهاب نحو تعويم االنظام، ربما تتصل بمحاولات الالتفاف على النظام، ليسقط النظام تحالفاته جزئيًا، مع إيران أولاً، ومع روسيا ثانيًا، وهو القول الذي لايقل سذاجة عن القولين الأولين، فعلى يد النظام باتت سوريا مستوطنة إيرانية، تربط النظام بحبل السرة الإيراني، دون نسيان أن الجزء الأعظم من الجيش قد بات سرايا ايرانية تشتغل بأمرة الحرس الثوري الإيراني، فيما الإيرانيون يشتغلون على الديمغرافية السورية عبر الاحتلال المباشر لعقارات تتوزع على المدن السورية، وعبر ترحيل المزيد من الأهالي، حتى بات السوق السوري بازارًا إيرانيا، ما اضطر الكثير من تجار العاصمة لتعلم اللغة الفارسية باعتبارها لغة السوق.

ليس أمرًا يتطلب الكثير من الجهد لمعرفة  أن بشار الأسد  يدين   ببقائه في الحكم لروسيا وإيران وشبكة الوكلاء التابعة لهذه الأخيرة.

اليوم يبرز السؤال:

 ـ  لو قامت الدول العربية بتطبيع العلاقات، مع بشار الأسد هل سيستجيب بشار الأسد لهذا التطبيع؟

المتابع لإعلام بشار الأسد الذي لاينطق على هواه بل على هوى الرئيس، يلمس بالكثير من الجدية مدى استخفاف بشار الأسد بمن يمد له يد العون من العرب، وصولاً إلى القول:

ـ سوريا لاترغب بالعودة لجامعة الدول العربية ولا يعنيها الأمر.

وهو القول الذي يتردد على تلفزيون النظام وصحافة النظام وكتاب النظام والناطقون باسم النظام.

ويأتي السؤال الثاني:

هل  يؤثر التطبيع مع الأسد على الديناميكيات في إدلب مع “هيئة تحرير الشام” وانتزاع المناطق التي يسيطر عليها الأتراك من أيدي الأتراك اعتمادًا على دعم عربي؟

كل الاجابات تقول لا،  فتركيا هي الجهة الفاعلة الرئيسية هناك، في هذه المناطق،  ولن يؤدي التطبيع إلّا إلى إضفاء شرعية زائفة على نظام الأسد وانتصاراً دعائياً له لكي يحافظ على الوضع الراهن. وكما يتضح من 50 عاماً من الأدلة، فإن هذا النظام لا يغيّر سلوكه بناءً على الدبلوماسية الخارجية. وحتى في أضعف جوانب نظامه خلال الحرب الأهلية، بقي الأسد مخلصاً لسبب وجوده:

ـ البقاء في السلطة بأي ثمن.

بالنتيجة ما الذي سيقود اليه التطبيع مع نظام الأسد؟

سيؤدي التعامل مع نظام الأسد إلى مزيد من تآكل المعايير الدولية، وكانت صفقة الخط الأحمر للأسلحة الكيميائية في عام 2013 فاشلة حيث شنّ النظام بعد ذلك مئات الهجمات الأخرى. وكل شكل من أشكال التطبيع مع النظام سيقوّض إمكانية تقديم النظام إلى العدالة بسبب الإبادة الجماعية المستمرة. وسوف يصبح الأسد أكثر جرأة من خلال استمراره في استخدام الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وجميع الوسائل الممكنة ضد المدنيين السوريين لقمع الدعوات المحلية للحرية والديمقراطية. وبدورها، يمكن لاستراتيجية تقويض المعايير الدولية أن تبرر الانتهاكات المحلية من قبل هذه الدول العربية بسبب إفلات الأسد منها ببساطة من خلال أفعاله.

وبالنتيجة فإن منح الأسد هدية التطبيع لن يؤدي إلّا إلى دفع طهران إلى الاعتقاد بأنها تسيطر على السياسة الإقليمية، مما يضع حلفاء أمريكا في مختلف الدول العربية، وخاصة في منطقة الخليج، في موقف دفاعي مع فرصة ضئيلة للخروج منه. وفي الواقع، صرح بشار الأسد بشكل مباشر وعلني أن المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، هو “زعيم العالم العربي”، هذا عن التطبيع مع الدول العربية، فماذا إذا ما طبعت الولايات المتحدة علاقتها بالنظام؟

منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، ارتكبت الولايات المتحدة عدداً من الهفوات. وفي حين كان بعضها ناتجاً عن مخاوف وحسابات مشروعة، إلّا أن السماح بإعادة إضفاء الشرعية على نظام الأسد سيشكل خطأً استراتيجياً فادحاً لا يمكن تفسيره، وخطأ من شأنه أن يقوّض الوعد المتكرر لإدارة بايدن بوضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية، من جهة فيما سيكون  تمكين عميلٍ إيراني من السلطة لن يكون  سبيلاً مقبولاً لاحتواء طموحات طهران الإقليمية، مهما كانت صعوبة المسار لتنفيذ انتقال ديمقراطي في سوريا والسعي لتحقيق العدالة ضد مجرمي الحرب.

 يجدر بواشنطن أن تدافع عن موقفها في سوريا وتستعيد مصداقيتها مع الشعب السوري، أو ستواجه عواقب أكبر من تلك التي سبق وأحدثها صراعٌ أثبت مراراً وتكراراً أن ما يحدث في سوريا لا يبقى في سوريا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى