بعد جو بايدن.. ماحال المسألة السورية؟
يبدو أن مقعد الكابيتول قد حُسم أمره، وليس سوى بضعة أيام ويكون جو بايدن في البيت الأبيض مع فريقه..
مقعد جو بايدن، ليس لإدارة شؤون الصراع الصيني ـ الأمريكي وحده، وليس لإدارة الصراع الأمريكي الإيراني وحده، وليس سوى لإدارة العالم كل العالم، وسوريا قطعة من العالم التي تنتظر ما سيكون عليه حال السياسات الأمريكية إزاءها، حتى بدا السوريون اكثر التصاقًا بالشاشات لمتابعة ما ستؤول اليه الانتخابات الأمريكية، على امل أن تأتي إدارة أمريكية تنظر بالملف السوري.. الملف الذي يحوي مايزيد عن ستة ملايين لاجئ، ومليون مغيب ومعتقل ومجهول المصير، كما يحتوي على معارضات لكل منها مرضعته، فيما سلطة بشار الأسد تتمدد في البلاد فسادًا وعنفًا، وزغاريد انتصار.
حتى اللحظة من المبكّر القول إلى أين سيذهب الرئيس الأمريكي الجديد بالملف السوري، وكيف سيعالجه، ومن هنا كانت الاستعانة برؤاه القديمة تجاه هذا الملف، وهي الرؤى التي كان قد أطلقها بالشراكة مع جون كيري، يوم كان نائبًا للرئيس باراك أوباما، وربما سيكون أبرزها تلك التي أعلنها جون كيري في كلمة القاها في واشنطن خلال أعمال منتدى الاتجاهات التحولية
في 17تشرين الثاني/نوفمبر 2014.
في تلك الكلمة، وضع بادين يده على الجرح، وهذا نص كلمته، في جانبها المتصل بسوريا:
” أدرك ان البعض يعتقد ان الضربات الجوية (الأمريكية) ضد داعش في سوريا سيكون لها تأثير عكسي وهو انها ستساعد الدكتاتور الجاثم على صدر البلاد، بشار الاسد، الذي انتج بقمعه الوحشي أعظم كارثة انسانية في هذا القرن.
لكن هذا الافتراض قائم على قراءة خاطئة للواقع السياسي في سوريا.
الواقع هو ان نظام الأسد و تنظيم داعش يعتمدان على بعضهما البعض. ولهذا السبب قام الأسد بقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة بلا هوادة بينما لا يفعل شيئاً تقريبا لعرقلة تقدم داعش.
هذه نقطة جديرة بأن يؤكد عليها وهي أن بين الأسد و داعش منفعة متبادلة.
داعش تقدم نفسها على انها البديل الوحيد للأسد. و الأسد يَدَّعي انه خط الدفاع الاخير ضد داعش. ليكون كل منهما اقوى بالنتيجة.
لقد شعر السوريون لفترة طويلة ان خيارهم الوحيد هو في الحقيقة عدم وجود خيار على الاطلاق. بوجود ارهابيين في جانب و دكتاتور وحشي على الجانب الآخر. لذا فإن الإستراتيجية التي اتبعناها بالتنسيق مع شركائنا، هي توفير الامكانية لوجود خيار جديد وبنَّاء، خيار إنهاض، اذا صح التعبير، للمعتدلين، يستبعد كل من الارهابيين والأسد، وهو خيار سيكون موضع ترحيب من قبل كل سوري يريد العيش في بلد يتسم بالتحضر والسلام والحكم الرشيد.
نعتقد ان هذا ما يبحث عنه معظم السوريين، كسبيل للخروج من الفوضى وإراقة الدماء”.
كلمة جون كيري تلك، لابد وتشكل رؤية الحزب الديمقراطي للمسألة السورية، وهي تكشف ذلك الاستثمار المتبادل ما بين “إرهاب داعش” و “إرهاب النظام” مايسقط فكرة أن النظام السوري قد تكفّل بمواجهة الإرهاب والفصائل الارهابية في هذا الشرق، فهل سيكون امرًا كهذا كافيًا لتنزاح السياسات الأمريكية من دور المزهرية في الصراع السوري، أم ستتخذ خطوات جدية إزاء هذا الملف، في مسألة استعصى حلها في صراع القوى السورية ـ السورية، ولم يتبق سوى البوابة الدولية لحلها فيما البوابة الامريكية هي أوسع الأبواب لخروج هذه المسألة من الاستعصاء؟
هل سيؤسس جو بايدن “الديموقراطي” سياسته تجاه سوريا على هذه المقولة لزميله “الديموقراطي” جون كيري ؟
أم سـيستمر بسياسات من سبقه بتأجيل اتخاذ القرار بفرض الحل الذي يبحث عنه معظم السوريين ؟