بعد مصر.. هل تتدخل الجزائر عسكريا في ليبيا؟
مرصد مينا _ هيئة التحرير
بعد أن حسمت مصر موقفها بشأن التدخل العسكري في ليبيا وكشف الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، الخميس الماضي، إنه سيطلب موافقة البرلمان لدخول الأراضي الليبية، بعد طلب تلقاه من رئيس المجلس النُواب الليبي “عقيلة صالح” ومُمثلين عن قبائل ليبيا، تتجهُ الأنظار صوب الجزائر لمعرفة ردها في حال ما إذا تلقت نفس الطلب.
وسرَعت الجزائر من وتيرة تحرُكها لوقف “الحرب” المُرتقبة بين “الفُرقاء” بالوكالة عن اللاعبين الأساسيين، فقد حط وزير خارجيتها “صبري بوقادوم” الرحال الأسبوع الماضي بروما والتقى كبار المسؤولين في إيطاليا، ثم زار تُونس حيث التقى رئيسا “قيس سعيد” ووزير خارجيتها، ومن المُرتقب أن يزُور روسيا الثُلاثاء القادم اذ سيُجري مُباحثات مع نظيره الروسي “سيرغي لافروف”.
ورُغم أن مُسودة التعديل الدُستوري الجديد التي طرحتها رئاسة الجُمهُورية للنقاش، أقرت تعديلا جديدة تسمُحُ بإرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بشروط، وهُو خيار لم يكن مسموحاً به منذ السبعينات، حيث كانت حرب أكتوبر/ تشرين الأول، آخر حرب شاركت فيها وحدات من الجيش الجزائري خارج الحدود، غير أن الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، دعا أطراف الصراع في ليبيا إلى وقف التصعيد العسكري والالتزام بمسار سياسي وفق خارطة طريق تنتهي بإجراء انتخابات في مُدة أقصاها ثلاث سنوات.
وشدد الرئيس “تبون”، في تصريح لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية، على ضرورة وقف التصعيد العسكري في ليبيا والالتزام باعتماد مسار سياسي وفق خارطة طريق تنتهي بإجراء انتخابات في مدة أقصاها ثلاث سنوات، مُؤكدا استعداد بلاده لاحتضان حوار سياسي ليبي _ ليبي، بعيدا عن الخيارات العسكرية وفرضيات التدخل الخارجي.
موقف ثابت..
ويستبعدُ مُحللون إمكانية تدخُل الجزائر عسكريا بليبيا، لعدة أسباب أبرزها موقفها الثابت من القضية وخشيتها من الغرق في المستنقع الليبي، لأن الحدود الليبية سواء الجنوبية أو الشرقية أو الغربية غير مُسيطر عليها بسبب الصراع القائم بين الجماعات المسلحة على منافذ تهريب المُخدرات والسلاح والبشر إضافة إلى التحالفات التي تُعقد بين هذه الأخيرة لتوفير السلاح مقابل الأموال.
ويقول في هذا السياق المُحلل السياسي “أحسن خلاص”، في تصريح لـ “مرصد مينا” إن سيناريو التدخل العسكري الجزائري في ليبيا مستبعد تماما، وموقف الجزائر من الأزمة الليبية ثابت، فهي تلتزم الحل السلمي، وترفضُ أي تدخل عسكري في المنطقة وتلتزم الحياد.
ويُضيف ليس هُناك هُجوم على الجزائر يقتضي تدخلا عسكريا كما أن التمسك بالحلول السلمية مبدأ ثابت في سياسة الجزائر التي تُفضلُ دائما الوقوف على مسافة واحدة من الأطراف المُتنازعة “، إضافة إلى ذلك يقول المحلل السياسي أن الوضع الداخلي لا يسمحُ بفتح جبهات جديدة.
ويشرحُ المُتحدث موقف الجزائر قائلا إنها ” تُريدُ لعب دور الوسيط في الأزمة ولكنها لم تسمح بتهديد أمنها على حُدودها الجنوبية الشرقية وهُو ما برز في التصريحات التي أدلى بها قائد أركان الجيش الجزائري الجنرال “سعيد شنقريحة”، السبت، اذ دعا المنتسبين للمُؤسسة العسكرية إلى “بذل المزيد من الجهود الحثيثة والتحلي باليقظة الشديدة، من أجل مواجهة التحديات وكسب كافة الرهانات وبالتالي المحافظة على أمن واستقرار البلاد”.
وسبق وأن طالب “فايز السراج” رئيس حُكومة الوفاق الوطني في ليبيا، من الجزائر التدخل عسكريا عندما قرع القائد العام للجيش المُشير “خليفة حفتر” طبول الحرب في طرابلس، إلا أن الجزائر ردت بالقول إن الحسم في ليبيا لن يكون عسكريا، وشددت على أنها “تقف على نفس المسافة” من جميع الأطراف في هذا البلد.
استنفار عسكري..
وأكد الجنرال الجزائري، على أن “التحضير القتالي المُتواصل والعمل للميداني المُتفاني، من الأمور التي تُمثلُ الجسر المديد والمتين، الذي يمكّن كافة وحدات القوات الجوية، من أداء مهامها بمهنية عالية، لاسيما خلال تنفيذ المهام الخاصة، ومختلف التمارين”.
وتُخيمُ على الجزائر حالة من القلق بسبب تردي الأوضاع الأمنية في الدولة الجارة ليبيا، حيث تم استنفار قوات الجيش الجزائري وحرس الحُدود التابع للدرك (قوة عُمومية ذات طابع عسكري)، على الحدود الجنوبية والشرقية، لمنع تدفق الإرهابيين عبر المواقع الصحراوية المتاخمة للمعابر الحُدودية.
وتُعدُ الناحية العسكرية الرابعة التي تضمُ الشريط الُحدودي المُشترك مع ليبيا، من أبرز المناطق العسكرية التي تفرض عليها السلطات حصارا أمنيا مُشددا، بالنظر إلى الحقول الغنية من النفط والغاز المتواجدة على مستواها.
وسبق وأن شهدت هذه المنطقة هجوما إرهابيا لمجموعة تتبع تنظيم القاعدة في العام 2013، على وحدة إنتاج الغاز في “عين أميناس” جنوب شرقي الجزائر، احتجزت فيه مئات الرهائن من جنسيات مختلفة وقتلت ثمانية منهم، وجاءت هذه العملية كرد فعل على التدخل العسكري الفرنسي في مالي.