بعد 6 سنوات من النظام الرئاسي.. هل بقي للرئيس التركي حظوظاً بولاية جديدة؟
مرصد مينا – تركيا
تصاعدت حدة الانتقادات، التي وجهتها المعارضة التركية للرئيس “رجب طيب أردوغان” والحزب الحاكم وسياستهما في إدارة البلاد، خاصةً بعد استقالة صهر الرئيس “بيرات آلبيرق” من منصبه كوزير للمالية، ما منح المعارضة دفعاً معنوياً كبيراً، لا سيما وأن “آلبيرق” كان من الخطوط الحمراء في النظام.
يشار إلى أن “آلبيرق” قدم استقالته قبل ما يزيد على شهر، عبر حسابه في إنستغرام، وذلك بعد أشهر من مطلبات المعارضة بإقصائه، نظراً لدوره في انهيار الليرة التركية بالإضافة إلى تبنيه عدداً من المشاريع المثيرة للجدل، بينها مشروع قناة أسطنبول.
آخر الانتقادات جاءت من الحليف السابق، والمعارض الحالي، “علي باباجان”، والذي اتهم الرئيس والحكومة بإفراغ خزينة الدولة، بالإضافة إلى استغلال الأموال العامة لتغطية المصاريف الخاصة بالرئيس والمسؤولين، مضيفاً: “إنهم فقدوا الإحساس”.
كما وجه “باباجان” انتقادات لاذعة لسياسات الحكومة، موضحاً: “يقولون إنهم يسعون لمساعدة البلدان التي تواجه أزمة اقتصادية بسبب فيروس كورونا، ولكن عندما يأتي الدور إلى شعبنا لا يقدمون له المساعدة، بل يوزعون أرقاماً ليجمعوا التبرعات من الشعب”.
زيادة حدة خطاب المعارضة خلال العام الماضي، ودخول حلفاء سابقين للرئيس على الخط المعارض، طرح بحسب الباحث التركي، “عثمان أوغلو” عدة إشارات استفهام حول مدى قدرة “أردوغان” على تجاوز تحدي الانتخابات القادمة، لافتاً إلى أن وجود “أحمد داوود أوغلو” و”علي باباجان” في صف المعارضة، خلق أصعب واقع يواجهه الرئيس منذ عام 2002، خاصة وأن”أوغلو” يعتبر عراب السياسة التركية الخارجية، التي تبنت نظرية “صفر مشكلات”، و”باباجان”، عراب النهضة الاقتصادية التركية.
ولفت “أوغلو” إلى أن الأشهر القليلة الماضية، وتبدلات السياسة الحكومية وتقلباتها، كشفت عن حالة تخبط سياسة داخل المنظومة الحاكمة ووجود محاولات لتصويب الخطاب الحكومي، موضحاً: “إقالة آلبيرق وقبله مراد أويسال محافظ البنك المركزي وتصاعد الخطابات العاطفية للرئيس، كل تلك الأمور توحي بشعور النظام بالقلق من قدرته على تجاوز الاستحقاق الدستوري القادم، ما دفعه إلى محاولة إحداث تغيير على المستوى الداخلي والتخفيف من التوتر على المستوى الخارجي”.
في السياق ذاته، اعتبر المحلل السياسي المهتم بالشأن التركي، “تورستن ليشت”، في تصريحات لمرصد مينا، أن الرئيس التركي كان يراهن على الخطاب الشعبوي وتغذيته من خلال سياسات خارجية عدوانية تجاه من يراهم أعداءاً تاريخيين للأتراك، كاليونان وقبرص وإرمينيا والأكراد، وترسيخ صورة القائد القومي، إلا أن بعض التحولات في مواقفه مؤخراً بالأخص تجاه جيرانه الأوربيين عكست قناعة بدأت تتشكل لديه بأن الطريق إلى ولاية جديدة لا يأتي إلا من سياسة ما داخل الحدود وليس خارجها.
كما أضاف “ليشت”: “حتى سياسات الاعتقال وتصفية المعارضة والناشطين لم تجد نفعاً، فالمعارضة لا تزال موجودة وبقوة وصوتها لا يزال مسموعاً على مستوى العالم”، معتبراً أن اتجاه “أردوغان” نحو استنساخ التجربة الإيرانية خلال 6 سنوات من الوجود في كرسي الرئاسة في تركيا كان خاطئاً، وأن إقصاءه لحلفائه داخل الحزب انعكس سلباً عليه وعلى شعبية الحزب.
في ظل الظروف الراهنة، أوضح “ليشت” أن الرئيس لا يملك فرصاً كبيرة بالفوز بمنصب الرئيس، مع حالة الفقر المستشرية والتراجع الاقتصادي، مشيراً إلى أنه مطالب بمراجعة شاملة لكل سياسته في الحكم، داخلياً وخارجياً، ومع حلفائه السابقين، الذين يبدو أنهم باتوا أكثر قوة.
يذكر أن استطلاع للرأي أجراه مركز أوراسيا لأبحاث الرأي العام”، أظهر أن 48.6 بالمئة من الأتراك ،لن يصوتوا لصالح “أردوغان” في الانتخابات الرئاسية المقبلة.