بين القبيسيات والحسينيات
القبيسيات يتمددن في سوريا، وترتفع الأصوات لمحاربتهن، وقد يكون لارتفاعها مبررات يجب الأخذ بها، غير أن تلك المبررات ستسقط حين تصمت تلك الأصوات عن تمدد الحسينيات، فإذا كان القبيسيات يمثلن التدين ببعده السياسي، فالحسينيات تمثل التدين بأظلم معانيه، كما تمثل مشروعًا توسعيًا لم يخف هويته، وهو التمدد الإيراني، فللحسينيات كاسحاتها الاديولوجية وقد ابتدأت منذ زمن حافظ الأسد الذي حمّل أخيه جميل الأسد رسالتها منذ ثمانينات القرن الفائت عبر جمعية الامام المرتضى، لتتوسع ما بعد الحرب إلى درجة ترفع فيها راية الاحتلال الإيراني، لا الفقه الخميني فحسب.
السؤال:
ـ من الذي سمح بمهاجمة القبيسيات، وهو التنظيم الذي يعمل تحت ظل السلطة في سوريا، وبرعايتها، ومن ثم من الذي أعطى أزلام السلطة حق مهاجمة هذا التنظيم، بما يجعل خالق القبيسيات (النظام)، يلعن مخلوقاته، وكل ذلك يحصل تحت قبة مجلس الشعب، الذي لم يكن للشعب فيه أية حصة ولا في أي يوم من أيامه؟
الاستعراضات الشيعية تتمدد في دمشق، لا بصفتها طقسًا دينيًا، فللطقس الديني منابره وأماكنه، ولا أحد بوسعه الموافقة على أن يكون سوق الحميدية أو البزورية أو ساحة المرجة معبدًا صالحًا لممارسة أي من الطقوس، اللهم سوى طقوس معزفات الشبابة التي منعت عن الحميدية باعتبارها تمس هيبة الدولة، ومع ذلك تفتح الطرقات للاحتفالات الشيعية بلطماتها وجنازيرها للصدور العارية التي تنزف دمًا بانتظار ظهور المهدي الذي احتجب عن الظهور ولن يعود سوى باللطم والخناجر والهستيريا الجماعية التي يمارسها مريدوه.
الموقف من التشدد الديني، لايمكن أن يكون انتقائيًا، وحين يكون انتقائيًا فلن يكون بريئًا ولا شريفًا وهذا ما يحدث للعاصمة السورية وقد اندلقت فيها أصوات (علمانيين) لتكفير ولعن القبيسيات، فيما ترك الحبل على غاربه للحسينيات.
قصة تستدعي اكثر من سؤال.. اكثر من تأمل، وأكثر من مجرد القول:
ـ الاحتلال الإيراني يلطم في الحميدية.. لايلطم كتف مريديه فحسب.. لا، إنه يلطم وجوه الدمشقيين وقد احتملوا وصبروا على ما لايحتمل.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.