ترامب.. زنقة زنقة.
من أول ثائر أسود بمواجهة التمييز العنصري وكان النجّار “دنمارك فيزي”، وهو من اشترى حريته بتحفه الخشبية 1822 ثم واجه الإعدام حرّاً وصولاً إلى اليوم، وزنوج أمريكا يكافحون من أجل “كل الناس سواسية” و”أرواح السود مهمة” ، ولا “لاعدل ولا أمان للشرطة العرقية” و “اارفع يدك ولا تطلق الرصاص”.
وصل رئيس أسود إلى الكرسي في الكابيتول.. حدث ذلك غير أن الزنجي وإن غدا رئيسًا فالزنجي مازال “زبونًا” أمريكيًا وليس مواطنًا كما يقرّ دستور بلاده.. لم يصبح الأسود كما شاء له الشاعر العبقري والت ويتمان واحداً من أمّة “أمّة متآخية مع نفسها ومع أمّم العالم”.. مازال المنتّج الامريكي الاكثر سطوة على السوق هو مُنتّج “المسدس سريع الطلقات”.
وهكذا، كان لابد وأن تصل الحرائق إلى المدن الامريكية، وعلى الدوام تبدأ الحرائق من شرارة.. وكانت الشرارة عملية قتل علني وعلى مرأى من المارّة وكاميرات الهواتف المحمولة، وهو ما أشعل المتراكم من وقود الاحتراق، ولكن ما الذي سيحدث بعدها؟
ـ الفوضى حدثت، والعنف قوبل بالعنف المضاد، وقوى المجتمع المدني المناصرة لحقوق الإنسان ومواجهة التمييز العنصري اصطفت لتنشر خطابها في كل الولايات الأمريكية، أما عن الرئيس الامريكي، فاتخذ خطابًا بالغ الشبه بخطابات زعامات العالم الثالث وقد أحال تظاهرات السود إلى (المؤامرة)، وحدّد المؤامرة بتنظيم سياسي لم يكن أحد قد سمع به من قبل.. تنظيم لم يبلغ حجم المؤسسة بعد، هو حزب (أنفيتا)، ثم أحاله إلى الصين وروسيا، ولم يكن خطاب الرئيس رونالد ترامب يختلف عن خطاب بشار الأسد أو خطاب القذافي او خطاب البشير، ولم ينقصه سوى أن يكرر:
ـ زنقة .. زنقة.
يحدث هذا في الولايات المتحدة، البلاد التي ماتزال تمثل القطب الوحيد بعد أن أغرقت عالم متعدد الأقطاب، او ثنائي القطبية، غير أن ما يحدث في الولايات المتحدة اليوم، لابد وسيكون له تداعياته، تداعياته على الولايات المتحدة أولاً من ثم على العالم بمجمله، وهذا التحوّل يبدأ من البيت الأمريكي فمعظم استطلاعات الرأي تقول بأن الرئيس دونالد ترامب لن يعود إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولهذا معناه العميق على السياسات الدولية، فالرجل رسم السياسات الأمريكية على غير ما رسمت عبر التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وبالنتيجة أفشل الكثير من الهيبة والقوة الأمريكيتين بدءًا من تعاطيه مع فايروس كورونا، وصولاً لتعاطيه مع المسألة الإيرانية، وهاهي السفن الإيرانية وناقلات نفطها تجوب البحار رغم التهديدات الأمريكية، مما يضع الولايات المتحدة أمام خيارات شائكة، يمكن القول أن أحلاها مرّ، فإذا ما أقدمت البحرية الأمريكية على ضرب ناقلة نفط أشعلت الخليج بحرب لاتتناسب والاستعدادات الأمريكية، وإذا ما سمحت لها بالعبور، فلذلك معنى واحد هو كسر الهيبة الأمريكية ، كل ذلك بمواجهة نظام الملالي، وهو نظام عوامل إسقاطه من الداخل أعلى وأكثر قابلية لإسقاطه من الخارج، فناس إيران يلتهمهم الفقر، ومصادرة الحرية، وإخراجهم من الزمن، وسطوة الحرس الثوري، والعمل على اجتثاث جذور الشجرة الخمينية لابد وأن يكون اكثر جدوى من العمل على قصقصة أغصانها ولقد أثبتت التجارب ذلك في غير مناطق من العالم.
مايحدث في الولايات المتحدة الآن وكنتيجة عن سياسات ترامب، أضعف الولايات المتحدة، وبالتالي منح قوّة إضافية لتلك الديكتاتوريات المضادة للإنسان وعلى رأسها إيران الخمينية.
ما بعد تظاهرات مينابوليس، سيختلف عن ما قبلها، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم أجمع، وليس امام الرئيس رونالد ترامب سوى أن يتغير أو يُغيّر.
على هذا الرجل الكفّ عن رسم سياسات العالم عبر تغريداته على تويتر.. عليه أن يقاطع تويتر ليكون رئيسًا يعرف كيف يفكّر.