ترجمة مينا.. فورين بوليسي: عقوبات أمريكية قاسية قد تدمر اقتصاد تركيا
في الوقت الذي تبدأ فيه روسيا تسليم نظام صاروخي متقدم إلى تركيا، تُعدّ إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عقوبات قاسية قد تدمر اقتصاد أنقرا حقيقة، لكن الخبراء والمسؤولين يقولون إن البطاقة الصلبة يمكن أن تكون ترامب نفسه.
أعلنت وزارة الدفاع التركية أن الأجزاء الأولى من نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، – التي يقول مسؤولون أمريكيون إنها تهدد الطائرة المقاتلة من طراز F-35 والدفاعات الجوية للناتو- قد تم تسليمها إلى عضو الناتو الجمعة، وهو تطور سيؤدي إلى فرض عقوبات قاسية ما لم يوافق الرئيس والكونغرس على التنازل عنها؛ كما ستدفع الولايات المتحدة إلى استبعاد تركيا من برنامج F-35 الدولي: لن يُسمح لتركيا بتسلم طائراتها من طراز F-35 الأمريكية الصنع، وسيُرغم الطيارون الأتراك ومسؤولو البرنامج على مغادرة الولايات المتحدة، وستفقد صناعة الدفاع التركية هذا العمل القيم في البرنامج.
ووفق ما ترجمه مرصد مينا عن “فورين بوليسي” تدعم كل من وزارتي الخارجية والدفاع فرض العقوبات القصوى على تركيا، والتي قد تشمل عزل أنقرا عن النظام المالي الأمريكي؛ لكن “ترامب” – الذي أحدثت علاقته الشخصية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعض التغيرات غير المتوقعة في السياسة – يمكن أن يختار تأخير تنفيذ العقوبات، أو محاولة التنازل عنها كلها.
وقال “آرون شتاين” – مدير برنامج الشرق الأوسط التابع لمعهد أبحاث “Foreign Policy” : ;laquo;إن العقوبات ستذهب إلى البيت الأبيض، لكن “ترامب” هو البطاقة الصلبة، ويمكن أن يوقف تنفيذها;raquo
خلال اجتماعه مع “إردوغان” في قمة مجموعة العشرين في اليابان في حزيران، قدم “ترامب” مذكرة تصالحية، وألقى باللوم على إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما” في النزاع، ووعد بالنظر في “حلول مختلفة” لحل القضية.
وقال “ترامب”: ;laquo;لدينا موقف معقد، لأنه لم يُسمح للرئيس إردوغان – بشراء صواريخ باتريوت;raquo;، في إشارة إلى البديل الذي صنعته شركة Raytheon طراز S-400 الذي عرضته الإدارة على تركيا أواخر العام الماضي، ;laquo;لذا فهو يشتري المنظومة الصاروخية الأخرى، ثم فجأة، يقولون: حسنًا، يمكنك الآن شراء منظومتنا الصاروخية؛ لا يمكنك أن تنجز عملا بهذه الطريقة;raquo
هذا التوصيف ليس دقيقًا تمامًا، لقد مرت تركيا فعليًا على صواريخ Patriot مرتين قبل العرض الأحدث، والذي تضمن شروطًا أفضل لكل من التثمين والإنتاج المشترك، وفي كلتا الحالتين، انهارت الصفقات لأن أنقرا أصرت على نقل تكنولوجيا الصواريخ، وهو أمر رفض المسؤولون الأمريكيون التصريح به.
على الرغم من تصريحات الرئيس، يقول مسؤولو وزارة الخارجية والبنتاغون: ;laquo;إن الإدارة لا تزال تنوي فرض عقوبات واستبعاد تركيا من برنامج F-35;raquo
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة “Foreign Policy”: ;laquo;ذكرت الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح أن تركيا ستواجه عواقب حقيقية وسلبية تماماً إذا واصلت عملية الاستحواذ على S-400، ويتضمن ذلك تعليق المشتريات والمشاركة الصناعية في برنامج F-35 والتعرض للعقوبات;raquo
وحسبما قال أحد مسؤولي الإدارة الأمريكية: ;laquo;على أية حال، قد يتغير هذا إذا هددت تركيا بمنع الوصول إلى Incirlik، القاعدة الجوية الرئيسية للقوات الأمريكية التي تقاتل في الشرق الأوسط، والتي تضم أيضًا العشرات من الأسلحة النووية الأمريكية;raquo
ووصف المسؤول عن ديناميكية النقاش داخل الإدارة: ;laquo;يعتقد “إردوغان” أنه يستطيع أن يبقي “ترامب” جانباً، إن بقية أجهزة الأمن القومي ستضغط من أجل فرض عقوبات كاملة;raquo
وقال فادي حاكورا – الخبير في Chatham House المعهد الملكي للشؤون الدولية : ;laquo;إن فرض عقوبات إضافية، واستبعاد تركيا من برنامج F-35 يمكن أن يكون له تداعيات مالية خطيرة على أنقرا، مما قد يخيف المستثمرين العالميين، ويهز الثقة في السوق المالية التركية;raquo;، وأكد على أن الأهم من الأثر المالي هو الضرر الذي ستلحقه العقوبات بمكانة تركيا العالمية.
وقال حاكورا: ;laquo;إن الاقتصاد التركي هش تماما، فهو يخضع لدين كبير من القطاع الخاص، ولا سيما بالدولار الأمريكي;raquo;، وهذا يمكن أن ;laquo;يزيد الضغط على الليرة التركية، ويمكن أن يؤدي إلى هلع في النظام التركي;raquo
والسؤال هو كيف ستُحقق هذه العقوبات الشاملة، بموجب قانون “مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات”، يتعين على وزير الخارجية أن يختار خمسة على الأقل من بين 12 خيارًا تختلف في نطاقها وصرامتها؛ والخيار الأكثر صرامة هو فصل الحكومة التركية عن النظام المالي الأمريكي، إن رفض عقود المشتريات أو الحد من تراخيص التصدير إلى تركيا يمكن أن يكون ذا تأثير كبير.
وعوضا عن ذلك، يمكن للإدارة أن تختار فرض عقوبات على كيان محدد أكثر، مثل القوات الجوية التركية أو وكالة المشتريات الدفاعية، ومن شأن إدراج القوات الجوية التركية في القائمة السوداء أن يضر بشكل كبير بصناعة الدفاع التركية، ليس فقط مما يؤثر على تفاعلها مع البنوك الأمريكية، ولكنه سيؤثر أيضًا على المستثمرين الأجانب المرتقبين.
فرضت الولايات المتحدة عقوبات من خلال قانون العقوبات، الذي صدر عام 2017، مرة واحدة فقط قبل ذلك: على وكالة المشتريات الصينية، وإدارة تطوير المعدات، ردًا على شراء بيجين للطائرات المقاتلة الروسية Su-35 والمعدات ذات الصلة بـ S- 400. تشمل العقوبات المفروضة على الوكالة ومديرها “لي شانغفو”، منع منح تراخيص التصدير، وحظر المعاملات مع البنوك الأمريكية.
وقال حاكورا: ;laquo;إن الإدارة ستختار على الأرجح عقوبات أسهل بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية الاستراتيجية لتركيا، وخصوصاً أنها عضو في حلف شمال الأطلسي الناتو، وتستضيف المعدات الأمريكية في إنجرليك;raquo;؛ وحذر من أنه إذا استمرت تركيا في شراء معدات عسكرية من روسيا، فقد يتصاعد النزاع، مما يؤدي إلى فرض عقوبات أقسى.
وأضاف حاكورا: ;laquo;أظن أن علاقات تركيا مع أمريكا وحلف الناتو ستتجه نحو انهيار كامل مع مرور الوقت;raquo
وتأتي العقوبات في وقت سيء للغاية بالنسبة لأنقرا، حيث تقاوم الليرة التركية بالفعل، ويصار إردوغان للتمسك بالسلطة؛ فقد عانى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان منذ فترة طويلة ، والمعروف اختصارًا بـ AKP، من هزيمة لاذعة مع بداية انتخابات بلدية اسطنبول الشهر الماضي، حيث فاز مرشح حزب المعارضة “أكرم إمام أوغلو” على مرشح حزب العدالة والتنمية بفارق يصل إلى 800 ألف صوت.
يمنح قانون “مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات” الرئيس سلطة واسعة للتنازل عن العقوبات في ظروف معينة. لكن على الرغم من علاقة “ترامب” “بأردوغان”، يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يتنازل عن العقوبات كلها، لأن هذه العقوبات تتمتع بدعم من الحزبين في الكونغرس، فضلاً عن دعم وزارتي الخارجية والدفاع، كما يخضع التنازل الرئاسي لمراجعة الكونغرس، وفقًا للقانون.
كتب “بايرون كالان” من مجموعة كابيتال ألفا في مذكرة للمستثمرين: إما أن يوقف “ترامب” تنفيذ العقوبات، أو يطلب من الكونغرس التنازل عنها تمامًا، لكن الأخير سيكون ;laquo;عملية بيع صعبة للغاية بالنسبة للكونغرس;raquo
وقال “شتاين” من معهد أبحاث Foreign Policy: ;laquo;أعتقد أن تركيا ستتعرض للعقوبات، والسؤال الوحيد هو إلى أي حد ستكون شديدة، ومتى سيتم تنفيذها;raquo
ووفقا لما ذكره “كالان” سيراقب الحلفاء الأمريكيون قرار ترامب عن قرب، ولدى العديد منهم خطط لشراء معدات دفاع روسية، حيث أتمت الهند صفقة شراء خمس بطاريات من طراز S-400، في حين تدرس مصر وإندونيسيا شراء طائرات مقاتلة من طراز Su-35.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي