ترحيل أم اندماج؟ جدل حاد حول مستقبل اللاجئين السوريين في ألمانيا
مرصد مينا
مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد قبل أكثر من شهر، أُثيرت آمال بتحسن الوضع في سوريا، إلا أن هذه التغيرات لم تحسم مصير اللاجئين السوريين الذين باتوا محوراً للنقاش السياسي في ألمانيا، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة في 23 فبراير/شباط المقبل.
تصريحات المسؤولين الألمان أظهرت انقساماً واضحاً بين المطالبات بترحيل اللاجئين بأسرع وقت، والدعوات للاستفادة منهم كجزء من القوى العاملة في سوق يشهد طلباً متزايداً على الكفاءات.
هذا الانقسام السياسي طغى على المشهد العام في البلاد، خصوصاً بعد تزايد الحوادث الأمنية المرتبطة بمهاجرين وصعود اليمين المتطرف في الانتخابات المحلية.
تقييم جديد لأوضاع السوريين
أشارت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إلى احتمال إعادة تقييم أوضاع الحماية الممنوحة للسوريين، إذا ما اعتُبر الوضع في دمشق مستقراً.
وتأتي هذه الخطوة كمحاولة لاستمالة الناخبين المؤيدين لسياسات الهجرة المتشددة.
لكن ترحيل اللاجئين يثير مخاوف اقتصادية، إذ يشكل السوريون شريحة كبيرة من القوى العاملة في قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية والهندسة. ويرى خبراء أن فقدان هذه العمالة قد يؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة.
جدل حقوقي وأمني
رغم دعوات ترحيل مرتكبي الجرائم الجنائية من اللاجئين، أثارت هذه التصريحات انتقادات حقوقية، حيث ترى المنظمات الإنسانية أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة.
كما تعاني هذه الدعوات من غموض قانوني، في ظل غياب آليات واضحة لضمان سلامة العائدين.
بالمقابل، أشار المكتب الاتحادي للهجرة إلى تعليق البت في طلبات آلاف اللاجئين السوريين، مستنداً إلى زوال أسباب الحماية السابقة.
إلا أن خبراء يحذرون من أن إنهاء الحماية دون ضمانات أمنية واضحة قد يضع العائدين في مواجهة خطر العنف والاضطهاد.
تأثير الحملات الانتخابية
يرى محللون أن التصريحات المتعلقة باللاجئين السوريين قد تكون جزءاً من الحملات الانتخابية الموجهة للجمهور الألماني.
هذا الخطاب يؤدي إلى حالة من القلق وعدم الاستقرار بين اللاجئين، ويعزز مواقف الأحزاب المتشددة التي تستثمر في الخطاب المناهض للهجرة.
وعلى الرغم من الترويج لفكرة العودة الطوعية، يظل تطبيقها معقداً، خصوصاً أن البعض يواجه تهديدات حقيقية في ظل الظروف السياسية المستجدة.
كما أن اعتبار سوريا آمنة للعودة يظل أمراً بعيد المنال في ظل الفراغ السياسي والأمني.
السوريون والمهن الحيوية بألمانيا
أظهرت الدراسة أن نحو 80 ألف سوري يعملون في ألمانيا في مهن حيوية تعاني من نقص في العمالة، مثل الهندسة الطبية وطب الأسنان والتعليم.
وأشارت إلى أن عودتهم قد تزيد من حدة هذه الأزمة الاقتصادية. على سبيل المثال، يعمل حوالي 5300 طبيب سوري، وأكثر من 4000 فني في قطاع السيارات.
أما في طب الأسنان، فوفقا للإحصائيات، هناك نحو 2470 موظفا في طب الأسنان، في حين يعمل حوالي 2260 في مجال رعاية الأطفال والتعليم، و2160 في مجال الرعاية الصحية والتمريض.
ويعمل العديد من السوريين في وظائف ذات صلة بالمناخ في مجال الكهرباء الإنشائية (2100) وكذلك في مجال الصحة والتدفئة والتكييف (1570)، ما يجعل السوريين جزءا أساسيا من القوى العاملة المؤهلة.
مستقبل غامض
في الوقت الحالي، يعيش حوالي 975 ألف سوري في ألمانيا، يتمتع أكثر من 30 ألفاً منهم بوضع الحماية الفرعية. ومع ذلك، فإن سقوط نظام بشار الأسد لا يعني بالضرورة زوال التحديات التي تواجههم في بلدهم الذي دمره النظام المخلوع .
ويظل مستقبل اللاجئين السوريين في ألمانيا معلقاً بين المصالح السياسية الداخلية، الضغوط الاقتصادية، والتحولات الأمنية، مما يتطلب تعاملًا حذراً ومبنياً على دراسات دقيقة تضمن توافق القرارات مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان.