fbpx
أخر الأخبار

تركيا.. اعتقال إمام أوغلو وتداعياته على عملية السلام مع أوجلان

مرصد مينا

شهدت الساحة السياسية التركية تطوراً لافتاً مع اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، وهو أحد أبرز الشخصيات المعارضة في تركيا.

هذا الاعتقال أثار العديد من التساؤلات حول تأثيره على عملية السلام الداخلي في البلاد، خصوصاً في ظل التقدم الذي كان قد أُحرز في هذه العملية بعد الدعوة التي وجهها زعيم “حزب العمال الكردستاني” (بي كا كا) عبد الله أوجلان، الذي يقبع في السجن منذ 26 عاما، لحل الحزب وتسليم الأسلحة المملوكة للمجموعات المسلحة المرتبطة به.

الخلفية السياسية

تمكنت عملية السلام في تركيا من الحصول على دفعة معنوية بعد النداء الذي أطلقه أوجلان في 27 فبراير الماضي، والذي دعا فيه إلى حل “حزب العمال الكردستاني” والتخلي عن أسلحته تحت شعار “السلام والمجتمع الديمقراطي”.

هذه المبادرة لاقت تأييداً من قبل الرئيس رجب طيب إردوغان، ما أتاح بعض التفاؤل في الأوساط السياسية في تركيا حول إمكانية التوصل إلى حل سلمي للنزاع المستمر.

تزامن هذا مع زيارة وفد من حزب”الحركة القومية” إلى حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، الذي يمثل غالبية الأكراد في تركيا، بمناسبة عيد الفطر، حيث تناولت الزيارة مواضيع متعلقة بالسلام والمستقبل السياسي للبلاد.

التوترات الناتجة عن الاعتقال

لكن الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي اندلعت ضد اعتقال إمام أوغلو ألقت بظلالها على هذه الزيارة وعلى الأجواء العامة في تركيا.

واعتبر نائب رئيس حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، أوزتورك تورك دوغان، أن الاعتقالات الأخيرة، ومن بينها اعتقال إمام أوغلو، والتي شملت أيضاً طلاباً من الجامعات، جعلت من الصعب على الشعب التركي الاستمتاع بالأجواء الاحتفالية بعيد الفطر.

وأكد تورك دوغان على أهمية احترام الحريات الفردية في إطار من الديمقراطية لضمان تحقيق السلام في تركيا.

وأشار إلى أن استمرارية هذه السياسات يمكن أن تؤدي إلى تعطيل جهود السلام التي انطلقت بعد دعوة أوجلان.

الدعوة إلى الإصلاح السياسي والدستوري

في وقت لاحق، دعا دولت بهشلي، زعيم حزب “الحركة القومية”، إلى تعزيز الوحدة الوطنية في تركيا من خلال إصلاحات شاملة. وأكد على ضرورة تحقيق التقدم في تنفيذ دعوة أوجلان لحل “حزب العمال الكردستاني” وتوجيه سلاحه نحو الإلقاء النهائي له.

وأضاف أن تركيا بحاجة إلى إصلاحات دستورية لتكون أكثر ديمقراطية وعدلاً، تشمل التغييرات في قوانين الأحزاب السياسية، وتوسيع الساحة السياسية، وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته، بالإضافة إلى تطوير نظام القضاء لضمان العدالة والمساواة.

الحديث عن دستور جديد في تركيا

في سياق متصل، أشار بهشلي إلى أهمية الإسراع في وضع دستور جديد للبلاد خلال الدورة الحالية للبرلمان، موضحاً أن هذه الخطوة تعد ضرورة لتحقيق الاستقرار السياسي والإداري في تركيا.

كما دعا إلى تعديلات قانونية قد تسهم في تعزيز الديمقراطية الداخلية، فضلاً عن ضمان استقلال القضاء.

وفيما يتعلق بالنظام الحكومي، أشار إلى أنه من الضروري تعزيز النظام الرئاسي الحالي، الذي يراه أساساً لضمان الاستقرار الإداري في البلاد.

أردوغان وعملية السلام

من جهة أخرى، أكدت مصادر رئاسية أن الرئيس أردوغان يعتزم لقاء وفد المفاوضات مع أوجلان، والمعروف إعلامياً بـ”وفد إيمرالي”، في الفترة بين 15 و20 أبريل الجاري.

وكان إردوغان قد دعا في وقت سابق “حزب العمال الكردستاني” إلى حل نفسه في أسرع وقت ممكن، مؤكّداً أن تركيا لن تنتظر طويلاً لتنفيذ هذه الدعوة.

الاختلافات بشأن الشروط

في المقابل، يتمسك قادة “حزب العمال الكردستان” بشروط معينة قبل إجراء المؤتمر العام لحل الحزب، وفي مقدمتها مطلبهم بإطلاق سراح أوجلان، وهو الشرط الذي ترفضه الحكومة التركية.

واعتبر أردوغان في وقت سابق أن الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تركيا عقب اعتقال إمام أوغلو هي “محاولة لتقويض المبادرة الأمنية التي تهدف إلى جعل تركيا خالية من الإرهاب”، ودعوة بعض القوى الخارجية لدعم هذه الاحتجاجات.

الاحتجاجات والردود السياسية

وفي سياق الاحتجاجات المستمرة، جدد رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، أوزغور أوزيل، دعوته إلى ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين، بما في ذلك الطلاب الذين تعرضوا لانتهاكات أثناء اعتقالهم.

وأوضح أوزيل أن هؤلاء الطلاب عانوا من تعذيب جسدي واهانات قاسية من قبل الشرطة أثناء الاحتجاجات ضد اعتقال إمام أوغلو، مشيراً إلى أن هذا النوع من الانتهاكات لا يمكن نسيانه وأنه يجب تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.

رؤية الحكومة للاحتجاجات

من جهة أخرى، علق محمد أوتشوم، كبير مستشاري أردوغان للشؤون القانونية، على الاحتجاجات التي اندلعت في شوارع المدن التركية، قائلاً إنها “جزء من أجندة إمبريالية تهدف إلى زعزعة استقرار تركيا”.

وأشار إلى أن المظاهرات استخدمت رموزاً وشعارات معينة، مثل أقنعة الغاز وملابس شخصيات كرتونية، ما يراه دليلاً على أن هذه الاحتجاجات كانت مخططاً لها مسبقاً.

تأتي هذه التصريحات في وقت تستمر الأوضاع السياسية في تركيا في التوتر، مع استمرار الصراع بين الحكومة والمعارضة حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وبينما تواصل الحكومة التركيز على ما تصفه بمبادرة “تركيا خالية من الإرهاب”، ترى المعارضة أن هذه الإجراءات تقيد الحريات الأساسية وتعرقل عملية السلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى