تضخم تاريخي ونقص سيولة.. إقتصاد السودان يواجه كارثة
مرصد مينا – هيئة التحرير
يعيش السودان أزمة اقتصادية خانقة، جراء عدم امتلاكه لما يكفي من احتياطي النقد الأجنبي، يمكنه من استيراد السلع الرئيسية، فضلا عن ارتفاع مديونيته الخارجية، وانهيار سعر صرف عملته المحلية، ما يثير مخاوف المواطنين والمراقبين، من تفاقم موجة الغلاء التي يشهدها البلد، في ظل التوجهات الحكومية لفرض مزيد من الإصلاحات، بناء على ضغوط من صندوق النقد الدولي.
نسبة التضخم تجاوزت حاجز الـ 330.78 بالمئة، ليبلغ أعلى مستوى له منذ عقود. ويُبدي محللون اقتصاديون عدم تفاؤلهم، بتمكن الحكومة من إيجاد حل للأزمة الاقتصادية في المدى المنظور، محذرين من كارثة اقتصادية، خاصة أن رفع السودان من قائمة الإرهاب، لم يسهم، حتى الآن، في حل مشكلة تحويل الأموال الى البلاد.
“مطلب خطير” من صندوق النقد
قبل أيام طالب صندوق النقد الدولي، الحكومة الانتقالية في السودان، بمزيد من الإجراءات الإصلاحية للاقتصاد، بعد تعويم الجنيه وإلغاء دعم الوقود، معتبرا أن توحيد سعر الصرف الأخير، وإلغاء دعم الوقود، والتدابير الضريبية المتخذة كجزء من ميزانية 2021، وزيادة تعرفة الكهرباء، ستؤدي إلى تقليل التشوهات في الاقتصاد وتسهيل ضبط أوضاع المالية العامة، محذرا من أ، الوضع الاقتصادي في البلاد ما زال “هشاً للغاية” في ظل أزمة اقتصادية عميقة.
الخبير الاقتصادي “عمران النايف”، يرى أن بيان صندوق النقد الدولي، تضمن مطلبا خطيرا، وهو تحرير “الدولار الجمركي” المحدد الآن بنحو 18 جنيها، ليكون في حدود السعر الحالي 375 جنيها، معتبرا أن ذلك قد يقود إلى كارثة اقتصادية، ويحمل إشارات مخيفة تشير لاحتمال زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والوقود، الأمر الذي يعني المزيد من معاناة الناس.
ويؤكد “النايف” أن حديث صندوق النقد الدولي حول حدوث إنجازات وتقدم اقتصادي قوي في السودان عقب توحيد سعر الصرف، يخالف الحقائق الموجودة في الواقع، لاستمرار معاناة الاقتصاد، معتبرا أن مطالبات الصندوق تزيد الفقراء فقرا والأغنياء غنى، وأن تنفيذ الحكومة لمطالباته ستكون ظالمة ومجحفة بحق المواطنين لأنها تراعي الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يعيشونها.
“النايف” توقع أن تقود المطالبات الجديدة لصندوق النقد الحكومة لفرض زيادات جديدة في السلع الضرورية والكمالية معا بسبب ما أعلنته من اتجاه لتحرير الدولار الجمركي، مشيراً إلى زيادة أسعار العديد من السلع الضرورية بنسب أكثر من 100% خلال الفترة الأخيرة.
يشار الى أن البنك المركزي في السودان خفض سعر الصرف الرسمي للجنيه من 55 جنيها إلى 375 جنيها مقابل الدولار خلال شهر شباط\ فبراير الماضي، ليقترب من مستوى السعر في السوق السوداء.
بالتزامن مع ذلك، اتخذت الحكومة السودانية إجراءات لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة عن طريق صرف مساعدة شهرية تبلغ خمسة دولارات من المقرر أن تصل في نهاية المطاف إلى 80 بالمئة من السكان.
وقال وزير المالية إن هذه الإجراءات تهدف فقط إلى التخفيف من تأثير أي تضخم إضافي.
التضخم يواصل الجموح
تشهد الأسواق السودانية ارتفاعاً ملحوظا في أسعار السلع الضرورية، وندرة في الحصول على بعضها، مثل الخبز والوقود والدواء.
الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، كشف في بيان أمس الخميس، أن التضخم السنوي قفز إلى 330.78 بالمئة خلال شهر شباط\ فبراير الماضي، بعد أن كان 304.33 بالمئة في شهر كانون الثاني يناير، ليبلغ أعلى مستوى في عقود، بينما تستهدف الحكومة في موازنة العام 2021 معدلات تضخم في حدود 95 بالمئة، بحسب مصادر حكومية
نظام البشير ما زال مهيمنا
تعول الحكومة السودانية على جذب مدخرات السودانيين العاملين بالخارج والتي تقدر بحوالي 6 مليارات دولار سنويا، لتشكل احتياطيا نقديل في البنك المركزي يساهم في استقرار قيمة العملة الوطنية.
لكن مصادر مطلعة تكشف أنه وعلى الرغم من رفع السودان من قائمة الإرهاب إلا أن مشكلة تحويل الأموال مازالت موجودة، بحيث لا يستطيع مغترب نقل أموال من حسابه خارج السودان إلى حساب محلي بداخله.
الخبير الاقتصادي السوداني “خلدون عبد العظيم”، يرى أن فشل عمليات التحويل من بنوك خارج السودان، يعود إلى أن الأنظمة المتطورة تعمل على طريقة الـ “IBAN”، وهي طريقة لم تصل إلى السودان، لافتا إلى أن هناك مشاكل في أرقام الحسابات وبيانات المستخدمين من مستفيدين ومرسلين يصعب على النظام المالي في السودان حلّها بسبب تقنياته القديمة، مشدداً على أن النظام المصرفي في البلاد ليس جاهزاً حتى اليوم لمثل هذه العمليات.
بالإضافة الى ذلك، يؤكد عبد العظيم أن النظام المصرفي في السودان لم يخرج حتى اليوم من مؤسسة نظام الرئيس السابق عمر البشير، مرجحا وجود عمليات تعطيل من قبل شخصيات تعمل بالمصرف المركزي.
ويكشف “عبد العظيم”، أن لجنة إزالة التمكين فصلت خلال الأسابيع الماضية، أكثر من 100 موظف من للعاملين بالبنك المركزي وأفرعه المختلفة، لانهم لم يحصلوا على وظائفهم بسبب الكفاءة وإنما لأنهم كانوا مقربين من نظام البشير.
الجدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” كان أعلن قرار واشنطن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب دخل حيز التنفيذ منتصف شهر تشرين الثاني\ نوفمبر الماضي، بعد تصنيفا استمر منذ 1993 وشكّل ضغطا على الاقتصاد السوداني وأدى لكبح المساعدات المالية.