تفشي الكوليرا في السودان: آلاف الإصابات وعشرات الوفيات وسط انهيار خدمات المياه والكهرباء

مرصد مينا

تستمر الأوضاع الصحية والإنسانية في السودان بالتدهور بشكل حاد، حيث أدى الصراع المستمر منذ أكثر من عامين إلى دمار كبير في البنية التحتية الحيوية مثل محطات الكهرباء ومحطات تنقية مياه الشرب، مما تسبب في تفشي وباء الكوليرا في العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات الأخرى.

وأعلنت وزارة الصحة السودانية عن إصابة أكثر من 3049 شخصاً بوباء الكوليرا، مع تسجيل 57 حالة وفاة، فيما تتوقع تقارير صحافية أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من الإحصائيات الرسمية.

وتتركز أغلب الإصابات في مناطق جبل الأولياء جنوب الخرطوم، ومحلية كرري شمال أم درمان، إلى جانب مناطق صالحة وأم بدة.

وأوضح وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم في تصريحات صحافية اليوم الأحد، أن معدل الوفيات الناتجة عن الكوليرا بلغ 1.9% من إجمالي الإصابات، وأن السلطات الصحية تعقد اجتماعات يومية للسيطرة على تفشي الوباء.

كما شكلت غرفة طوارئ تضم عدة منظمات عاملة في الولاية لمواجهة الأزمة.

وأشار الوزير إلى أن أسباب عودة انتشار الكوليرا تكمن في سوء الظروف الصحية والبيئية، مثل نقص مياه الشرب النظيفة وقلة الغذاء، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي أدى إلى توقف محطات ضخ المياه والمستشفيات، مما أثر سلباً على القدرة على تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى.

وأفاد الوزير أيضاً بتنظيم حملات تطهير مياه الشرب باستخدام الكلور، وتوفير أكثر من 12 مليون جرعة تطعيم ضد الكوليرا وزعّت على معظم الولايات المتأثرة.

وذكر أن معدل الإصابة في الخرطوم بلغ نحو 700 حالة أسبوعياً خلال الشهر الأخير، مع فتح أكثر من 8 مراكز لاستقبال الحالات وتقديم العلاج.

لم تقتصر الأزمة على الخرطوم، بل امتدت إلى ولاية الجزيرة المجاورة التي تعاني أيضاً من تفشي الكوليرا، بالإضافة إلى أمراض أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك وسوء التغذية الحاد، لا سيما بين الأطفال، بسبب تدهور الخدمات الصحية والبنية التحتية ونقص الإمدادات الطبية.

وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، أعلنت “شبكة أطباء السودان” وفاة 13 لاجئاً سودانياً جوعاً خلال الأسبوع الماضي في معسكر “قاقا” للاجئين السودانيين في تشاد، الذين يعانون من أوضاع إنسانية كارثية بسبب نقص الغذاء والدواء وتفشي الأمراض، إضافة إلى تجاهل المنظمات الدولية والإنسانية لهم.

ويؤوي معسكر قاقا حوالي 21 ألف لاجئ سوداني، حيث تواجه الأسر هناك معاناة شديدة في الحصول على الغذاء والماء الصحي.

وأوضحت الشبكة أن اللاجئين معرضون لخطر كبير بسبب هذا التجاهل، وناشدت المنظمات الدولية التحرك العاجل لتوفير الغذاء والدواء اللازمين، ووقف نزوح اللاجئين المتكرر بحثاً عن المساعدة.

كما شددت على أن ما يحدث يشكل فضحاً لعدم جدية بعض المنظمات في التعامل مع الأزمة، رغم الأعذار المتعلقة بإغلاق المعابر وتسهيل وصول المساعدات.

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار انقطاع الكهرباء في معظم أنحاء السودان نتيجة الاستهداف المتكرر لمحطات الكهرباء عبر هجمات بطائرات مسيّرة من قبل قوات “الدعم السريع”، ما يزيد من تعقيد الأزمة الصحية ويحد من قدرة المستشفيات على تقديم الخدمات الطبية، وسط صور متداولة تظهر مرضى يرقدون على الأرض خارج غرف العزل الصحي.

وبينما تواصل السلطات السودانية بالتعاون مع المنظمات الدولية تعزيز جهود مكافحة الوباء، تبقى الأوضاع مقلقة وتتطلب تدخلات عاجلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل شامل لجميع المناطق المتضررة واللاجئين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى