تكذيب في الشارع والكواليس وخلافات بين المناصرين.. أزمة باسيل مستمرة
مرصد مينا – هيئة التحرير
حاول رئيس التيار الوطني اللبناني الحر وصهر الرئيس الحالي ميشيل عون، جبران باسيل، تبرير المتغيرات الدولية الأخيرة بحقه بعد فرض أمريكا عقوبات صارمة عليه بتهم الفساد ودعم حزب الله.. سبقتها عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس بذات التهم.
وخرج باسيل في تصريحات إعلامية، أعلن فيها استعداده لترك الحياة السياسية إذا ثبت عليه اتهامات الفساد، إضافة إلى محاولته القول إنه يتمايز ويختلف عن مليشيا حزب الله وأفكارها.
تحريف للحقيقة
تسببت تصريحات باسيل، حول الفساد ومليشيات حزب الله.. بانتقادات كبيرة في الشارع اللبناني الذي اعتبرها تحريفًا عن الحقيقة.
وتصدر – بعيد صدور التصريحات في لبنان – وسم “# جبران باسيل” كالأكثر تداولًا، في ظل سخرية وانتقادات وتغريدات تناولت تصريحات سابقة له حول انحيازه لمليشيات حزب الله في لبنان ومعلومات عن ثروته الطائلة التي شكلها خلال السنوات الماضية.
الخجل مطلوب
النائب السابق، فارس سعيد، أطلق ردودًا على كلام باسيل، عبر تغريدات في تويتر حيث قال مؤكدًا رفض تدخل حزب الله بالقتال في سوريا واليمن والعراق: “إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”.
ليوضح أنه : “من أقوال رئيس الجمهورية، ميشال عون، عند دخول حزب الله القتال في سوريا “أن تقاتل خارج أرضك أفضل من أن تقاتل داخل أرضك”.
ثم متسائلًا: “هل يظنّ الوزير باسيل أننا من دون ذاكرة عندما صرّح أنه كان ضد تدخل حزب الله في سوريا؟ هل كان على خلاف مع عمّه؟”.. ليختم تغريداته بالقول: “إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”.
فساد التيار
قال النائب في حزب القوات اللبنانية، وهبي قاطيشا، في حديث تلفزيوني مستعرضًا فساد “التيار الوطني الحر” الذي تولى وزارة الطاقة منذ أكثر من عشر سنوات، إنه: “على باسيل أن يعترض بحسب القوانين إن أراد المواجهة وأن يثبت بالفعل أن تهمة الفساد هي افتراء عليه”.
ليوضح أن “الديون في وزارة الطاقة التي كانت طوال السنوات الماضية إما معه أو مع مستشاريه هي إهمال أو فساد أو الاثنان معًا”.
ثم استعرض “قاطيشا” تفاصيل هجومه على التيار بقوله:” إذا نظرنا إلى نتائج عمل الوزارات التي استلمها التيار نكتشف أن 50 مليار دولار من الديون سببها وزارة الطاقة التي استلمها هو، وبالتالي تمسكه بها اليوم للحصول عليها في الحكومة الجديدة هو خوف من فضيحة الفساد”.
وحول رفض باسيل اتهامات الفساد رغم الحديث عن امتلاكه ثروات، قال الناشط خضر المصري- وفق العين الإماراتية – : “قبل مدة قال باسيل إن زوجته تقف في البنك تنتظر دورها كما باقي اللبنانيين للحصول على 200 دولار من البنك وهو في آخر 5 مقابلات إعلامية له نراه كلّ مرة يكون متواجدا في قصر أو بيت مختلف”.
ليسأل المصري: “لماذا لم تكن تملك كل هذه القصور قبل ست سنوات؟”.. مؤكدا وجود التناقض في كلام باسيل، حين قال إن هناك خلافا بينه وبين حزب الله رغم أنه لطالما كان تفاخر بعلاقته به.
الثقة معدومة
بدوره.. أكد “مجددًا” رئيس “حركة التغيير”، إيلي محفوض، أنه “لا ثقة بمن يوالي مليشيا” في رد منه على قول “باسيل” بأن حزب الله قام بمعركة “جرود عرسال” ضدّ تنظيم “داعش” الإرهابي عندما لم يستطع الجيش اللبناني القيام بها.
ليوضح حيثيات تأكيداته، في تغريدة على تويتر قائلًا: “كيف نأمَن لسياسي يدّعي أنه رجل دولة ويُشكك بقدرات الجيش اللبناني ويسوّق لأدوار لميليشيا لمجرد أنها مكّنته من السلطة..
حيث أضاف: أما عبارة “الجيش لم يفعل شيئا” فهي كفيلة وحدها بإسدال الستارة عن أي طموح سياسي.
وأوضح: “لا ثقة بمن يوالي مليشيا.. ويُشكك بمؤسسات الدولة اللبنانية ولا ثقة بمن سقطت عنه الشفافية والمصداقية”.
تناقض وكذب
المحامي طارق شندب قال على حسابه “تويتر” ، وفق ذات المصدر، إن “جبران باسيل المصنف إرهابيا والفاسد بموجب قرار الخزانة الأمريكية بعد ظهوره في قناة العربية يكذب ويكذب، هنا يظهر كذبه ودعمه للإرهاب والآن يحاول التنصل منه”.
حيث تابع بقوله: “لطالما تفاخر باسيل مرارا وتكرارا بدعمه لإرهاب إيران ومليشيا حزب الله الإرهابية”.
الأزمة إلى العلن
رفعت العقوبات الأمريكية مستوى الأزمة داخل التيار الوطني الذي يتزعمه باسيل، فازداد شرخ العلاقات وزادت الخلافات التي خرجت للعلن لتعكس عمق الأزمة التي يواجهها الحزب.. في ظل ترشيحات بتفاقمها وتصاعدها وتأثيرها على مستقبل التيار نفسه..
ودفع باسيل ووزراؤه مع رئيس الحكومة حسان دياب باتجاه إجراء تدقيق مالي جنائي في مؤسسات لبنان في وقت طالبت لجنة المال والموازنة – التي يرأسها النائب في التيار إبراهيم كنعان – بإجراء تعديلات على قانون النقد والتسليف قبل بدء التدقيق.
وظهرت الخلاف بين باسيل والقيادي السابق في “التيار”، مستشار رئيس الجمهورية، أنطوان حداد، لتتبعه خلافات بين الفريق الوزاري المحسوب على “التيار” ونواب في التكتل الذي يرأسه باسيل بعد أنباء التدقيق المالي الجنائي.
الصدام والخلاف بين أنصار التيار بدأ مع إعلان وزيرة العدل ماري كلود نجم والمحسوبة على باسيل: “من طالب بتعديل القانون هو الذي منع إنجاز التدقيق الجنائي”، حيث تلمح إلى اللجنة البرلمانية التي يرأسها ابراهيم كنعان.
أما اللجنة، فتطالب بتعديل قانوني يتيح رفع السرية المصرفية بشكل يسمح لمصرف لبنان تقديم معلومات بشأن العملاء.. إلا أن ذلك المطلب واجه رفضًا من عدد من الوزراء والساسة.
ليردّ كنعان من جهته فوصف ماري نجم بوزيرة “اللا عدل”.. وقال في تغريدة على “تويتر”: “وزيرة اللا عدل استفاقت على فشلها بعد تسعة أشهر من دون إنجازٍ، ولم تجد غير التطاول على لجنة المال المشهود على عملها الرقابي المتشدّد، خصوصًا على صعيد الموازنات والحسابات الماليّة، لتحوير الأنظار عن رصيد وزاري يوازي الصفر وأخطاء قانونيّة عطّلت التدقيق الجنائي”، وسأل “أنت أكيد وزيرة عدل؟!”.
لم تسكت الوزيرة “ماري نجم” على تصريحات كنعان فأطلقت توصيفات نعتت ابراهيم فيها بـ “رئيس لجنة انهيار المال والموازنة”، وقالت: “لا أنتظر شهادة من رئيس لجنة انهيار المال والموازنة. ليقل ما يشاء، والناس هي الحكم”.
حيث جدّدت التأكيد على أن “التدقيق الجنائي ليس بحاجة لتعديل القانون”.
توسع السجالات
لم تنتهي السجالات العلنية بين فريق باسيل عند خلاف الوزيرة ورئيس اللجنة النيابية.. بل توسعت دائرته لتشمل نوابا ووزراء أخذ كل منهم موقفا إلى جانب أحد طرفي الخلاف الداخلي..
حيث دعم النائب في التيار الوطني، آلان عون، النائب كنعان مدافعًا عن عمل لجنة المال، وقال على “تويتر”: “يلوم البعض لجنة المال والموازنة لأنها تصدّت لخطة (الحزام الناسف) المالية للحكومة المستقيلة (التي لاقت اعتراض اللجنة).. بمعزل عن السجال المالي-الاقتصادي المشروع، كان يجدر بهم التنويه بأن لجنة نيابية عابرة للكتل لم تبصم كالعادة على السياسات الحكومية المعلّبة، بل ردّت الاعتبار للعمل الرقابي لمجلس النواب”.
لتدخل وزيرة المهجرين في حكومة تصريف الأعمال غادة شريم – المحسوبة أيضًا على رئيس الجمهورية و”التيار” – على خط دعم الوزيرة نجم، وقالت في تغريدة لها: “لفتني حرص الجميع على السرية المصرفية… أمر عظيم جميل وضروري ولكن ما الفائدة منه بعدما طارت الأموال الخاصة ونهبت الأموال العامة”.
باسيل في وسط الجدال
حاول زعيم التيار ومسبب الانقسام، باسيل نفسه.. الظهور بمظهر متقبل كل الأطراف ليعلن موقفا وسطيا بين الطرفين، قائلا إن “التدقيق الجنائي المالي واجب وطني وموقف التيار واحد”.
وكتب قبل يومين على حسابه على “تويتر”: “التدقيق التشريحي في حسابات مصرف لبنان واجب وطني وأولوية مطلقة وباب للتدقيق بكل الإنفاق العام. إنه يظهّر الفجوة المالية ويبيّن الارتكابات ويكشف مصير الأموال المنهوبة والموهوبة والمحوّلة”.
ليعتبر أنه “على الحكومة فرض التدقيق بقوة القوانين الموجودة، وعلى مجلس النواب الدعم والتحصين، وعلى مصرف لبنان الاستجابة الفورية تحت ضغط حقوق الناس”..
ثم أكد: “التيار واحد وحاسم حول هذا المطلب وكل كلام عن تقديم قانون إضافي، إذا لزم وإذا تأمّن إقراره، هو من باب الحرص على إتمام التحقيق وليس عرقلته”.
الخلافات متجذرة
يشهد تكتل “لبنان القوي” النيابي الذي يرأسه باسيل حالة خلافات أدت إلى انسحاب النواب المستقلين منه، خلال العام الماضي، وهذا ما حصل مع النواب نعمة أفرام وميشال الضاهر والنائب المستقيل ميشال معوض هذا بالإضافة إلى النائب العميد شامل روكز وهو الصهر الثاني لميشال عون، وأخيرًا الخلاف العلني الذي ظهر مع نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي وهو أيضًا عضو تكتل باسيل.
ورغم محاولات باسيل العلنية لوضع حد للسجال “الداخلي”، حين أكد أن موقف “التيار واحد”.. فالمؤكد أنها لا تعني أن الخلافات ليست موجودة في حزبه أو أنها ستتوقف عند هذا الحد، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها إلى العلن.
حيث سبق وأن قادت الخلافات داخل التيار في وقت سابق إلى خروج قياديين ونواب من التكتل النيابي والتيار على حد سواء، (من بينهم نعيم عون ابن شقيق الرئيس ميشال عون).
برأي مصدر قيادي سابق في التيار – وفق ما نقلته العين عنه – فـ إن “ما يحصل اليوم أمر طبيعي (أفرزته) السياسة التي اتبعها باسيل منذ ورث رئاسة الحزب ونحن على تواصل مع أشخاص في داخل التيار نسمع منهم حجم الانتقادات والاعتراض على ما يقوم به باسيل والتي أتت العقوبات عليه لتؤكد هذا الأمر ولتنذر بما قد تؤول إليه الأمور في المرحلة المقبلة وانعكاسها على التيار بشكل عام، ومن بينهم رجال أعمال لهم مصالحهم ويخافون عليها إذا توسعت هذه العقوبات”.
الشارع غاضب
بعد تأكيدات السفيرة الأمريكية دوروثي شيا، في بيروت، التي كذّبت فيها كلام باسيل حول أسباب العقوبات، حين أكدت أنه أعلن استعداده فك ارتباطه بحزب الله.. كتب الناشط هيثم المصري على حسابه في تويتر: “ليس فاسدا فقط إنما كذّاب أيضا”، مرفقًا تغريدته بهاشتاق “العقوبات الأمريكية”.
لتعبّر عن ذات الموقف روجيه عيد قائلة في تغريدة نقلتها العين: “خلال يومين فقط تبيّن لنا أن باسيل فاسد وخائن لترسيم الحدود البحرية للوطن”، وسأل “ماذا بعد؟”.
كما تسبب تصاعد الحديث في لبنان عن تأثير العقوبات على “التيار الوطني الحر” بشكل خاص والمسيحيين بشكل عام، خصوصًا وأنهم لطالما كانوا معروفين بعلاقاتهم الجيدة مع الغرب، سألت مريم الصمد “هل يتحمل مسيحيو التيار الوطني أخذهم إلى إيران والعقوبات الأمريكية في حال استمروا في دعمهم جبران باسيل؟”. بحسب ذات المصدر..
أما الناشطة نيللي وهبي، فطرحت سؤالا عبر “تويتر” حول رأي اللبنانيين بحلّ “التيار الوطني الحر” بعد اتهام رئيسه بالفساد، وقالت “بعد العقوبات الأمريكية على باسيل واتهامه بالفساد والتبعية لإيران.. أليس من واجب وزارة الداخلية حلّ حزب التيار الوطني الحر؟”.
ليتحدث طوني بولس، عن قانون ماغنتسكي الذي بموجبه فُرضت العقوبات على باسيل، قائلا إن هذا القانون “سيكشف جرائم كبيرة قام بها مسؤولون في لبنان، وفي مرحلة لاحقة سنعرف كيف هرّب هؤلاء أموال الشعب اللبناني المنهوبة”،.
مستعد للاستقالة
في مزايدة وتحدي علني لمجمل العقوبات ورأي الساسة والشارع.. قال رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، إنه على استعداد لترك الحياة السياسية، إذا ثبتت عليه أي تهمة فساد، وذلك على خلفية العقوبات الأمريكية الموقعة عليه بدعوى الفساد.
حيث أشار إلى أنّ كلام السفيرة الأميركية عن فك التحالف بين التيار الوطني الحر والحزب محاولة فاشلة لدق الاسفين”، وأضاف: ” اذا اردنا فك التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللينانية وليس بارادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الاهلي. على افتراض اننا نريد فك التحالف، نخبر صاحب العلاقة ونبحث معه قبل ذلك معالجة الموضوع وعندما نيأس من ذلك نقوم بالأمر… اما ما هو معتاد لدى البعض من خيانة وغدر ومس بثوابت وطنية خدمة لأغراض لا نعرفها فهذا غير مقبول عندنا”.
وكتب باسيل، على “تويتر”، يوم أمس الاثنين “أتمنى الذهاب بموضوع الاتهامات للآخر وكشف كل شيء، وأنا أترك الحياة السياسية إذا ثبتت علي أي تهمة فساد، ودولة كبيرة مثل أمريكا التي تمسك بكل حوالة مال في العالم ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟ علمًا إني أول من كشف حساباته للرأي العام اللبناني”.
ليضيف مصدرًا على تبريراته السابقة والداعمة لميليشيا حزب الله: “التاريخ علمنا أن عزل أي طائفة يؤدي إلى انفجار وهنا نتحدث عن مكون بكامله وليس فقط حزب الله”
معتبرًا أن مواقفهم وتحالفاتهم استراتيجية حيث تابع قائلًا: “الحصار نجح اقتصاديًا وماليًا فبات الوضع سيئًا لكن لم نصل إلى الفتنة والانفجار وأنا مع مفهوم الدولة ووثيقة التفاهم مع حزب الله لا تتحدث إلا عن هذا الأمر وعبارة استراتيجية دفاعية أول ما وردت فيها”.