تلك الطبخة، وأولئك الطباخون
مرصد مينا
واضح أننا في زمن “المطبخ والطباخ”، فـ “يفغيني بريغوجين”، وهو الشهير بطباخ بوتين، ومن ثم مالك أعتى جيش مرتزقة في عالم اليوم ونعني “فاغنر”، قد تحوّل في لحظة ما إلى الرجل المنافس للرئيس الروسي، بل ولاوي ذراعه لولا الخبرة الهائلة للرئيس الروسي بتفخيخ الطائرات واغتيال راكبيها، فيما عرفت كوريا الشمالية “طباخ كيم إيل أون”، والمدعو “كينجي فوجيموتو”، وقبل أن يكون طباخاً للرئيس الابن، كان طباخ السوتشي للرئيس الأب “كيم” أيضاً، وقد حوّلته الأيام إلى “طباخ نووي” يوجه انتقادات لاذعة لإدارة السلاح النووي في بلاده وصولاً لإدارتها، وهكذا انتقل الطباخون في كلا البلدين إلى “مديري أزمات”، و”طابخي حلول”، كما تحوّلوا إلى “مآدب لمعلميهم” مع نهاياتهم، وهاهي أخبار الطباخين تتوالى حتى نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا بعنوان: من هو خوسيه أندريس الطباخ الذي أرسل أول سفينة مساعدات إلى غزة؟ قالت فيه الكاتبة فرانسيس فينال إن أول سفينة تحمل مساعدات إلى غزة منذ عام 2005 وصلت يوم الجمعة الفائت ، لم تكن وراءها لا الأمم المتحدة، ولا أي زعيم عالمي طرحها، بل يعود الفضل فيها للطباخ الأمريكي ـ الإسباني الشهير خوسيه أندريس الذي تعاونت مؤسسته الخيرية وورلد سنترال كيتشن (المطبخ المركزي العالمي) مع المجموعة الإسبانية “أوبن آرمز” لجلب نحو 200 طن من الطعام إلى القطاع الذي يعاني الجوع.
من سيرة أندريس أنه بنى شهرته من خلال كتب الطبخ والمطاعم الشهيرة، التي يملكها لكنه أصبح معروفا أيضا بالسفر إلى مناطق الكوارث والصراعات حاملا مواد الإغاثة الغذائية مع المنظمة التي شارك في تأسيسها.
في تقريرها أشارت “واشنطن بوست” إلى مسار الطباخ الشهير (المولود عام 1969)، صاحب سلسلة المطاعم في عدة مدن أمريكية، وذكر أنه ترك بيت والده وهو في الـ15 من عمره، واستقل بنفسه ماليا بفضل عمله في مجال الضيافة، وخلال ذلك التحق بمدرسة للطهي، قبل أن يتدرب تحت إشراف طاه بارز، ثم قضى فترة في البحرية قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة (وعمره 21 عاما).
وفي واشنطن استطاع أن يشق طريقه في عالم الطبخ منذ بداية إشرافه على مطعم “جاليو” الجديد في عام 1993، ومن هناك دشن أكثر من 30 مطعما، معظمها في الولايات المتحدة، قبل أن يؤسس مؤسسة “المطبخ المركزي العالمي” في عام 2010.
وفي عام 2013 أصبح مواطنا أمريكيا، وهو متزوج وله 3 بنات.
وقد اشتهر الطباخ بنشاطه في قضايا الجوع والسمنة لدى الأطفال، ودعم الأعمال التجارية الزراعية والحد الأدنى للأجور وإصلاح نظام الهجرة.
وعندما اختارته مجلة تايم الأمريكية عام 2018 ضمن 100 شخص الأكثر تأثيرا في العالم، كتب زميله الشيف الشهير إيميريل لاغاسي أن أندريس كان “صاحب مطعم لامعا أسهم في تشكيل تاريخ الطهي الأمريكي ومساره من خلال تقديم أسلوبه المميز في الطعام والثقافة الإسبانية”.
وقد أنشأ أندريس وشركاؤه مؤسسة “المطبخ المركزي العالمي” بعد ذهابه للمساعدة في إطعام الناس في هاييتي التي دمرها زلزال مميت. ومن هناك أخذت المؤسسة تنمو، مستجيبة للحاجة إلى الغذاء بعد الأعاصير في هيوستن وبورتوريكو، وحرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة وفي أستراليا. وكان عمال المؤسسة يطبخون للاجئين الذين يعيشون في خيام على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك والفارين من الحرب في أوكرانيا. وتؤكد المجموعة في معرض حديثها عن مهمتها بأنها “أول من يصل إلى الخطوط الأمامية، ويقدم وجبات طازجة استجابة للأزمات الإنسانية والمناخية والمجتمعية”.
وفي عام 2021، قام جيف بيزوس، مالك صحيفة واشنطن بوست، بمنح أندريس 100 مليون دولار من خلال جائزته السنوية للشجاعة والكياسة.
وقد أرسلت المنظمة سفينة من قبرص إلى شمال غزة. وقال أندريس للمشرعين الأمريكيين، إنه “لا توجد بنية تحتية لميناء في شمال غزة، لكن موظفين هناك أنشأوا رصيفاً باستخدام أنقاض المباني المقصوفة استعدادا لوصول السفينة”.
وأوضح أندريس للصحيفة أن توزيع المساعدات سيتم عبر شبكة مؤسسته الخيرية الموجودة في غزة، والتي تضم أكثر من 60 مطبخاً والعديد من المستودعات، مع بناء المزيد منها.