تمرد سياسي يهز حركة النهضة التونسية
هزت الاستقالات والانشقاقات من جديد، حركة النهضة الإسلامية التونسية، المقربة من جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع محللين سياسيين، للحديث عن ما يشبه حالة “تمرد” على الخيارات السياسية لرئيس الحركة “راشد الغنوشي”، وفشلها خلال الأشهر الماضية، في إقناع الكتل النيابية في الدخول بائتلاف مع الحركة، الأمر الذي جعلها تعيش في عزلة تامة، وتواجه خطر فقدان أغلبيتها البرلمانية، في حال وصولت الامور إلى حد إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
خلال الموجة الجديدة من الاستقالات؛ ظهر اسم القياديين في الحركة، “هشام العريض” و”زياد بومخلة”، الذين شكلا اثنين من أهم وأنشط كوارد الحركة خلال السنوات الماضية، ليعلنان استقالتهما من الحركة، بعد أيامٍ من سقوط تشكيلة مرشح الحركة الحكومية “الحبيب الجملي”، وإطلاق دعوات لسحب الثقة من “الغنوشي” كرئيس للبرلمان.
وعلى الرغم من أن القياديين لم يعلنا الأسباب وراء انفصالهما عن الحزب، إلا الكثير من المراقبين للشأن التونسي، أرجعا حركة الاستقالات عموماً من الحركة، إلى تفرد رئيس الحركة بالقرارات المصيرية، وتحويل الكوادر إلى مجرد واجهات، لافتين إلى أن رئيس الحركة، يحاول تكرار سيناريو حليفه “رجب طيب أردوغان”؛ بالسيطرة التامة على حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، ما يدعم فرضية أن تتحول الحالة، التي تعيشها الحركة، من انشقاقات في الصفوف إلى تنافس حزبي في المستقبل.
إلى جانب ذلك، شكك المحللون بأن يكون للاستقالات والخروج من الحركة تأثير على زعامة “الغنوشي” لها، وإنما من جهة أخرى ستودي بالمستقبل السياسي الكامل للحركة، موضحين: “كثيراً ما تقوم الحركات والتيارات الإسلامية على فرضية التبعية التامة للزعيم أو المرشد، الذي غالباً ما تعتبر وصايته ذات بعد ديني أكثر من كونها سياسي أو نقابي، لذا فإن الإطاحة بزعيم حركة إسلامية يكون صعباً بعض الشيء، لكن في ذات الوقت، فإن حالات التمرد من قبل بعض الكوادر القيادية، في تلك الحركات، وجذبهم لتيارات معينة من أنصار الحزب، يضعضع مكانته الشعبية ويقسم أصواته ومقاعده البرلمانية، وبالتالي يفقد وزنه وثقله السياسي”.
ولفت المحللون إلى أن الحركة وقبل أن تضربها الانشقاقات لم تتمكن من فرض نفسها أو الحصول سوى على أغلبية بسيطة جداً؛ منعتها حتى من تشكيل الحكومة، ما يعني أن حركة الانشقاقات الحالية في حال استمرارها، ستكون الضربة القاضية الفعلية بالنسبة للنهضة وداعميها.
وكانت الحركة قد شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية استقالة العديد من كوادرها القيادية، من بينهم أمينها العام “زياد العذاري” ومدير مكتب الغنوشي “زبير الشهودي”، بعد خلافات عميقة مع زعيم الحركة وصهره، الذي بات بتولى الكثير من الملفات الحساسة في شؤون الحركة، بحسب بعض القياديين المستقيلين.