حتى الحرب “الرابحة”… خاسرة
كما لبنان، حال إسرائيل، فالكل يأخذ تهديدات حسن نصر الله على محمل الجد، والكل يحذّر من استدراج المنطقة إلى حرب.. حرب سبق للبنانيين وذاقوا ويلاتها، ويشكك الإسرائيليون في ربحها، فالحرب خاسرة حتى للمنتصر فيها.
بالنسبة للإسرائيليين، وخصوصًا أجهزنتهم الأمنية فهي تكشف مخاوفها، فهذا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي كما وزير الدفاع، أجريا مداولات تصفها “يديعوت احرونوت” بـ “الحساسة” وهي مداولات تتمحور حول إمكانية خطوة عسكرية من قبل حزب الله ، ولاحقاً الرد الإسرائيلي المحتمل وسط مناخ داخلي إسرائيلي تُسمع فيه أصوات تنتقد التجلد والصبر الإسرائيليان أعقاب إطلاق حزب الله لمسيراته فوق حوض “كاريش”.
نصر الله كان قد رفع صوته بتباه صريح حين تحدث عن مسيراته التي أسقطتها طائرة قتالية إسرائيلية وصواريخ باراك من سفينة لسلاح البحرية.
فشل نصر الله في تك العملية، هذا مايقوله الإسرائيليون وتفيد أخبارهم عن فشل حزب الله في إسقاط طائرة إسرائيلية فوق الضاحية الجنوبية وهي طائرة بلا طيار، وكان إعلامه قد ذكر أنه أسقطها ليكذبه الناطق العسكري الإسرائيلي .
كل تلك الأخبار ليست سوى تفاصيل صغيرة، غير أن سؤال المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اليوم يتركز على :
ـ ماذا لو أنطلق حزب الله بعملية عسكرية بأسلحة متفجرة على “طوافة كاريش”؟
لن يكون الصبر اطول، هذا ماتقوله قيادات عسكرية إسرائيلية، ولكن المعضلة بالنسبة للإسرائيليين ووفق تصريحاتهم هي في الوجهة التي سيتم اختيارها كي لا يدفع الطرفان للانجرار إلى حرب شاملة مع لبنان، والاكتفاء بأهداف محددة، أهداف وفق يديعوت أحرونوت، هي التالية:
ـ اختيار أهداف لـ”حزب الله” في سوريا، أهداف يجعلها الجيش الإسرائيلي في بنك أهدافه.
ـ مهاجمة لبنى تحتية نائية لحزب الله في لبنان.
الإسرائيليون يعتقدون اليوم بأن الحرب لابد واقعة، ويفسرون ذلك بالقول أن نصر الله تسلق على شجرة عالية يصعب عليه النزول عنها دون رد بشكل ما، وعليه، ثمة تحفز عال في عموم منظومات الجيش الإسرائيلي.
هناك من يعتقد بأن نصر الله يرى أن كل توافق بين لبنان وإسرائيل سيكون اعترافاً بالكيان الإسرائيلي وهو يعارض أي اعتراف، أما إذا تحققت انجازات لبنانية ولصالح لبنان في مجال “غاز البحر” فسيقول إنه تحقق بفضل مقاومته، حتى وإن لم تحصل مواجهة مسلحة.
اليوم يبدي الإسرائيليون مرونة إزاء موضوع الغاز، فهذا رئيس وزراء إسرائيل يقول:”لآبار الغاز الإسرائيلية إمكانية كامنة للمساهمة في حل أزمة الطاقة العالمية. ولبنان هو الآخر قد يتمتع بتطوير الآبار في مياهه الاقتصادية عبر المفاوضات التي يجب إنهاؤها في أقرب وقت ممكن”.
في الصورة طرفان، طرف يهدد، وهو حزب الله، وطرف يشتغل على “الصبر” على التهديدات وفق ماتقوله الصحافة الإسرائيلية، غير أن الأهم، أن لاهذا ولاذاك يرغب بالحرب، خصوصًا حزب الله الذي يدرك أثمان الحرب الباهضة استنادًا إلى حرب 2006 كما يدرك حجم المعارضة اللبنانية للحرب فهي إن وقعت سيكون ظهره للحائط في لبنان.
إذن نحو أي اتجاه ستذهب الأمور؟
تقارير صحفية إسرائيلية تؤكد أن الإسرائيليين سيعملون على تحسين شروط لبنان في المفاوضات الجارية حول مواقع الغاز وحقزق لبنان فيها، وبذلك سيسحبون ذريعة الحرب من يد حزب الله.
إنه السيناريو المرجح بالنسبة للصحافة الإسرائيلية، فإذا ماحدث ذلك فسيوفر على لبنان وإسرائيل، كما على المنطقة برمتها الذهاب إلى حرب.. الكل فيها خاسر فـ :
ـ ما من رابح في مثل هكذا حرب، حتى الرابح فيها خاسر.