حزب الله.. ذراع إيران المكبلة في لبنان
مجدداً تأبى إيران إلا أن تكشف المكشوف وتسقط أوراق التوت عن أذرعها في المنطقة العربية؛ عبر تصريحات قادتها ومسؤوليها التي تزايدت خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن مع تصاعد حدة التوتر بين طهران والغرب.
هم جنودنا
أولى التصريحات التي كشفت أن المهمة الحقيقية للميليشيات المدعومة إيرانياً في المنطقة العربية هي خوض حروب بالوكالة عن نظام إيران؛ جاءت على لسان القيادي في الحرس الثوري الجنرال “علي شادماني” الذي وصف تلك الميليشيات بأنهم أبناء الثورة الخمينية، وخريجوها، وأنهم في وقت الحاجة سيظهرون”، وذلك في إشارة إلى كل من ميليشيات حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري وميليشيات الحوثيين في اليمن إلى جانب الميليشيات العراقية.
أما التصريح الأكثر وضوحاء حول حقيقة هذه الميليشيات ودورها في المنقطة جاء على لسان رجل الدين الإيراني وعضو مجلس الخبراء “أحمد علم الهدى” الذي قال إن إيران أكبر من مساحتها الجغرافية، وأن كل الميليشيات المنتشرة في الشرق الأوسط والمدعومة إيرانياً هي إيران، مشيراً إلى أهمية أن تعي دول المنطقة ذلك.
على الجانب الآخر من المعادلة، فإن الاعترافات لم تأتي من إيراني وحسب، وأنما جاءت من قادة الميليشيات أنفسهم، والتي كان آخرها من العراق، حيث طالبت كتلة ميليشيات بدر في البرلمان العراقي؛ الحكومة بالدفاع عن إيران ودعمها، وهو الأمر الذي سبقه اعتراف آخر من ميليشيات الحوثي التي أكدت في عدة مناسبات ولاءها للمرشد وولاية الفقيه.
حزب الله.. ويد المرشد المبتورة في لبنان
بالحديث عن ميليشيات إيران، فإن التركيز الأكبر لدى الكثير من المتابعين يتجه نحو ميليشيات حزب الله اللبناني التي تعتبر أقدم تلك الميليشيات وأقواها، والتي لطالما لجأت إليها إيران في شن حروبٍ بالوكالة عنها لا سيما في تموز 2006 التي رأى الكثير من المحللين أن الحزب شنها ضد إسرائيل؛ حتى تكتسب إيران شروط تفاوض أفضل في ملفها النووي آنذاك، إلى جانب زج الحزب بكامل قوته في الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين والمعلقين للتساؤل حول إمكانية أن تلجأ إيران إلى الحزب مجدداً لشن حرب جديدة ضد إسرائيل مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط وتخفيف الضغط عنها الناجم عن العقوبات الاقتصادية؛ وتهديد المجتمع الدولي باستخدام القوة ضد سياسيات طهران في المنطقة.
المحلل العسكري العميد الركن “فاتح حسون” وفي تصريح خاص لـ”مينا” أجاب عن ذلك التساؤل بأن أي تحرك من الحزب باتجاه إسرائيل سيشكل كارثة بالنسبة لإيران ومزيداً من الضغط، مستبعداً أن تلجأ طهران لأي عمل عسكري ضد تل أبيب في إطار ردها على أي ضربة عسكرية توجه لها.
وأكد “حسون” أن إسرائيل تعتبر خطاً أحمراً بالنسبة للولايات المتحدة وروسيا، ولا يمكن المساس بها في أي تصعيد قد تشهده المنطقة، متوقعاً أن ينحصر الرد الإيراني بتحريك ميليشيات الحوثي باتجاه الخليج العربي.
وأضاف الخبير العسكري: “إيران لا تستطيع الإفلات من ما هي فيه إلا بالتصعيد غير المباشر، عن طريق تحريك فصائل وجماعات موالية لها؛ وهذه ما تفعله بكل وضوح”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أي عمل عسكري ضد إيران لن يستهدف العمق الإيراني وإنما مناطق نفوذها التي تستخدمها في الوطن العربي لا سيما في سوريا والعراق ولبنان.
واعتبر “حسون” أن العمليات العسكرية داخل العمق الإيراني ستضر بالمواطن الإيراني العادي والوضع الاقتصادي المتردي، وليس على الحرس الثوري والجيش اللذان يعدان العدة من سنوات طويلة، وميزانياتهم لا تخضع لميزانية إيران المعلنة، على حد قول المحلل العسكري.
كما أوضح “حسون” أن القادة الايرانيين صرحوا مراراً أن المعركة ضد إيران يجب أن تكون خارج أراضيها، الأمر الذي يفسر بحسب وجهة نظره؛ السياسة العدائية لإيران في المنطقة، مؤكداً أنه في حال توجيه ضربات لها فإنها ستكون لمناطق نفوذها؛ وهو الهدف الرئيسي لإيران عبر دعم تلك الميليشيات؛ بأن يكون تأثير أي مواجهة عسكرية منحصرا خارج الخدود الجغرافية لها وأن لا تتأثر المدن الإيرانية جراء أي تصعيد في المنطقة.
وأضاف حسون: “في نفس الوقت عملت إيران على استراتيجية الحرب بالوكالة والسياسة العدوانية، في حين كانت معظم الدول العربية المتضررة منها تحاول إيجاد حلول لمشاكلها الداخلية والحدودية”، لافتاً إلى أن الدول العربية مطالبة بدعم كل التحركات الشعبية ضد نفوذ إيران في المنطقة ولا سيما الثورة السورية؛ وذلك إن أرادت هذه الدول أن تلحق الأذى الفعلي بالنظام الإيراني دون أن تتضرر بشكل مباشر.
اذهبوا إلى بلادهم ودعونا بسلام
تزايد التصريحات الإيرانية حول اعتمادها على أذرعها في المنطقة، وجد أيضاً صدى له على مواقع التواصل الاجتماعي التي غصت بالتعليقات الرافضة لتوريط الدول والشعوب العربية بحروبٍ لا علاقة لها بها، لا سيما في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها كل البلاد التي تنتشر بها تلك الميليشيات على حد وصفهم، بدءاً من لبنان الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية تهدد كيان الدولة، وصولاً إلى العراق الذي لم يعرف الاستقرار منذ سقوطه بيد الميليشيات، مروراً باليمن الممزق وسوريا التي تعيش انهياراً كاملاً في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما دعت التعليقات التي كتبها ناشطون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي ميليشات إيران بالذهاب إليها والدفاع عنها، حيث كتب حساب باسم “محمد اللبناني”: “إذا أراد الحزب الدفاع عن لمرشد وولايته ليذهب إليه، فلبنان سئم مغامراته التي ندفع ثمنها”.
إلى جانب ذلك شكك مجموعة من المعلقين بأن تلجأ إيران إلى حزب الله لمواجهة الضغوط عليها لعدة أسباب؛ أهمها رغبتها بأن يبقى مستوى التصعيد في أدنى حدوده، مقتصراً على التهديد والوعيد، فقد كتب حساب باسم “رائد عامري” على موقع تويتر: “إيران تعلم ارتفاع تكلفة استهداف إسرائيل، وبالتالي ستوجه بندقيتها نحو العراق ودول الخليج، انظروا للفترة الماضية فإن كل الانتهاكات كانت ضد السعودية ومنشآتها، في حين أن كل أذرع إيران لم تتعرض لاسرائيل التي تغير عليها كل يوم ثلاث مرات في سوريا ولبنان والعراق”.
كذلك أرجع أحد المعلقين واسمه “سيزر” بمنشور على موقع “فيسبوك” عدم توجه إيران لمواجهة إسرائيل عبر لبنان بتراجع القوة العسكرية والمالية للحزب عن ما كانت عليه في العام 2006، نتيجة ارتفاع عدد قتلاه في الحرب السورية التي انهكته بالفعل طيلة سنوات، إلى جانب تراجع الدعم المالي الإيراني ببحزب جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، الأمر الذي سيجعل من أي حربٍ بين الحزب وإسرائيل نزهة حقيقية لجيش الأخيرة في الجنوب اللبناني.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي